الأربعاء, 18 يونيو 2025 04:03 AM

مؤتمر السويداء: تشكيل "أمانة عامة" للتفاوض مع دمشق وتأجيل إعلان المخرجات

مؤتمر السويداء: تشكيل "أمانة عامة" للتفاوض مع دمشق وتأجيل إعلان المخرجات

انتهت فعاليات "المؤتمر العام" في مدينة السويداء جنوبي سوريا اليوم، الثلاثاء 17 من حزيران، والذي دعا إليه سياسيون وناشطون وفعاليات مدنية، للخروج بتوصيات ومطالب لعرضها على الحكومة السورية في دمشق. وحضر المؤتمر نحو 120 شخصية، من ضمنهم ممثلون عن شخصيات دينية، أبرزها شيخا عقل الطائفة الدرزية، ذات الغالبية في المحافظة، يوسف جربوع وحمود الحناوي، وممثل عن الرئيس الروحي للطائفة، حكمت الهجري، إلى جانب شخصيات من الطائفة المسيحية.

وبحسب مراسل عنب بلدي في السويداء، تضمن المؤتمر جولتان للنقاش، خاضها ممثلون عن تيارات سياسية في المحافظة، إضافة إلى كلمات وتوصيات الممثلين عن الشخصيات الدينية. الناشطة السياسية والمنسقة في المؤتمر، ميساء العبد الله، قالت لعنب بلدي، إن المؤتمر خرج عنه "أمانة عامة" انبثقت عن الهيئة العامة للمؤتمر، والتي يتم الآن فرز أصوات المرشحين لها.

وأضافت أن من أولويات الأمانة العامة، التنسيق مع دمشق وتنظيم العلاقة بين المحافظة والحكومة، والتأكيد على مشاركة السويداء ضمن بناء الدولة السورية والمساهمة بشكل فعال. وينبثق عن الأمانة العامة لجان للتنسيق مع السلطة وهي أحد مهام اللجنة، التي أخذت شرعيتها من المؤتمر الذي دعي عليه معظم الفعاليات في المحافظة، وفق الناشطة السياسية.

المهندس ضاحي الدبس، ممثل نقابة المهندسين الزراعيين في المؤتمر، أوضح أن الأمانة العامة التي تمّ انتخابها، تضمت 31 شخصًا، منهم ست سيدات، وثمانية شباب، إضافة إلى سياسيين آخرين. وأشار، في حديثه لعنب بلدي، إلى أن المؤتمر حضره ممثلون عن النقابات والتيارات والتجمعات المدنية والسياسية بالمحافظة، إذ حضر ممثلان عن كل نقابة، وممثل عن كل تيار أو جهة.

مخرجات مؤجلة.. نقاط مشتركة

الباحث السياسي وأحد أعضاء لجنة المراقبة في المؤتمر، جمال الشوفي، قال إن أعضاء اللجنة لا يزالون بصدد صياغة المخرجات والتي تحتاج إلى وقت بسبب حجم المداخلات الكبير. وبحسب الناشطة ميساء العبد الله، سجل المؤتمر أكثر من 90 مداخلة تمّت مناقشتها، إضافة إلى جلسات حوارية مشيرة إلى أن مخرجات لن تصدر حتى تصاغ بشكل واضح.

الشوفي قال لعنب بلدي، إن المشاركة كانت "كبيرة وواسعة" ومعظم المداخلات والنقاط كانت متفق عليها وطنيًا. تمثلت النقاط التي نوقشت، وفق الشوفي، في حالة الاستعصاء التي حصلت مع السويداء وضرورة التواصل مع الحكومة لافتًا إلى التفريق بين مفهوم الدولة والسلطة.

كما ناقش المؤتمر ضرورة تفعيل الاتفاقات السابقة وضبط السلاح وبحث ملف العدالة الانتقالية، ونقد الإعلان الدستوري وفتح حوار حوله، وتجريم الخطاب الطائفي ومحاسبة مرتكبيه، وفتح تحقيق بالأحداث التي جرت في السويداء وصحنايا وجرمانا، في أواخر شهر نيسان الماضي.

كما تخلل المؤتمر مناقشات تتعلق بشكل الدولة، بحسب الشوفي، مؤكدًا اتفاق المشاركين على أن تكون سوريا دولة مؤسسات وقانون، بعيدًا عما أسماه الاصطفاف خلف الألوان التي تريد الدولة الصبغ بها، سواء دينية أو أيديولوجية.

وكان هناك بعض المطالب التي اعتبرها الشوفي "استباقية" والتي تتعلق بـ"اللامركزية"، فيما أكد الحاضرون على أن شكل الدولة يحدده اتفاق وطني سوري عام مستقبلًا.

أجواء "إيجابية"

الناشطة ميساء العبد الله قالت إن الحضور اتفقوا على مبادئ واحدة، تتمثل بسوريا واحدة موحدة، والسويداء جزء لا يتجزأ منها وضد الانفصال. وأضافت أن شكل الحكم في سوريا يقرره جميع أفراد الشعب السوري وليس طائفة أو محافظة أو حتى السلطة الانتقالية الموجودة حاليًا فهي "ليست ضمن مسؤولياتها".

ويرى المشاركون، الذين قابلتهم عنب بلدي، أن الأجواء في المؤتمر كانت "إيجابية"، وحملت نقاشات وقواسم مشتركة. الناشط المدني عمر الزاقوت قال، لعنب بلدي، إن المؤتمر كان منظمًا ومتنوعًا، وضم عددًا جيدًا من فئة الشباب وكانت لهم فرصة المداخلة والطرح، مشيرًا إلى تمثيلهم ضمن الأمانة العامة.

انسحابات

شهد المؤتمر العام في السويداء انسحابًا من جانب فصيل "حركة رجال الكرامة"، والأمير حسن الأطرش. وبحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي، من مشاركين في المؤتمر، يعود انسحاب الأمير الأطرش، لأسباب "بروتوكولية"، تتعلق بعدم ذكر اسمه في بداية المؤتمر.

من جانبها، أعلنت "حركة رجال الكرامة" عن مقاطعتها للمؤتمر، بسبب رفضها أي مسار يقوم على "إقصاء الصوت الوطني الحر واحتكار القرار"، وفق تعبيرها. وأوضحت "رجال الكرامة" أن سبب انسحابها يعود إلى تلقيها دعوةً لحضور المؤتمر بصفة "ضيف" دون حق الترشح أو التصويت للأمانة العامة.

وذكرت أن اللجنة أبلغت الحركة بعدم تخصيص كلمة ضمن أعمال المؤتمر، وهو ما أكّد "الهواجس السابقة" من وجود جهة تتحكم بمسار المؤتمر، وتعمل على "إقصاء الكلمة الحرة"، و"احتكار القرار" وفق تعبيرها.

المنسقة في المؤتمر، ميساء العبد الله، قالت إن اللجنة تريد أن تعمل على حالة من المدنية والخروج من حالة الفوضى التي استمرت نحو 14 عامًا، والتخلص من كل أنواع الاستبداد، سواء كان داخليًا أو على مستوى سوريا، وفق قولها. وأشار الباحث الساسي جمال الشوفي إلى أن دعوة الفصائل العسكرية سحبت في الليلة الماضية، واعتبر أن هذا لا يعكر مزاج المرحلة أبدًا، قائلًا إن هذه مواقف يحق لكل شخص اتخاذها.

السويداء.. حالة خاصة

وتشهد مدينة السويداء حالة عسكرية وسياسية خاصة، إذ مازالت هيئات وفصائل عسكرية، تمسك بزمام الملف الأمني في المدينة بعضها ينسق مع الحكومة وينضم لها شكليًا، بينما الآخر يرفض التعامل معها.

ويدير المسار السياسي في المدينة، شخصيات دينية من الطائفة الدرزية، التي تشكل معظم سكان المدينة، في مقدمتها الرئيس الروحي، حكمت الهجري، الذي يتخذ موقفًا مناهضًا للحكومة، إلى جانب شخصيات أخرى دينية وعسكرية تسعى للتنسيق والتفاهم مع دمشق.

ووقّعت شخصيات دينية وسياسية وعسكرية، بداية شهر أيار الماضي، اتفاقًا مع الحكومة، يقضي بتفعيل الضابطة الأمنية، بعناصر من أبناء المحافظة، ويوكل إلى السلطات في دمشق حماية الطريق الواصل إلى المدينة.

الاتفاق جاء بعد توترات أمنية شهدتها مناطق وبلدات، جرمانا وصحنايا في ريف دمشق، وتبعها اشتباكات على الطريق الواصل إلى السويداء، وبلدات في محيطها. وبعد 1 من أيار، سار الاتفاق بمسار متعرج، وسط توترات جديدة، تمثلت بسقوط قذائف على السويداء من جهات تصفها الحكومة بـ"الخارجة عن القانون".

كما قدم محافظ السويداء، مصطفى البكور، استقالته، في 23 من أيار الماضي، بعد تعرض مبنى المحافظة لاعتداء من قبل فصيل محلي بقيادة فادي نصر، والذي طالب بإخراج المدعو راغب قرقوط، والمدان بعدة سرقات سيارات قبل سقوط النظام السوري السابق وخلال وجوده بدمشق.

مشاركة المقال: