الخميس, 19 يونيو 2025 08:34 PM

حلب: الاغتيالات تلاحق المتعاونين مع النظام السابق وسط غياب المحاسبة الرسمية

حلب: الاغتيالات تلاحق المتعاونين مع النظام السابق وسط غياب المحاسبة الرسمية

تستخدم صفحات محلية سورية عبارة « تزحلق بقشرة موزة» للإشارة إلى عملية اغتيال بحق الأشخاص المتهمين بالعمل سابقاً في صفوف النظام البائد، في تعليق ساخر على إخلاء مسؤولية أحد عن تنفيذ جريمة القتل خارج إطار القانون وبقائها ضد مجهول.

سناك سوري _ حلب

وما كان في البداية تعليقاً ساخراً تحوّل إلى مصطلح تتداوله الصفحات التي تفتخر وتشجّع على تنفيذ الاغتيالات بشكل معلن دون أن تتلقّى أي نوعٍ من المحاسبة لا سيما وأن هذه الاستهدافات تمرّ أيضاً دون الكشف عن الفاعلين وبالتالي دون محاسبتهم على تنفيذ جريمة قتل خارج إطار القانون بغضّ النظر عن الشخص المستهدف وصحة الاتهامات المنسوبة إليه، والذي من المفترض أن تتكفل الدولة بتوقيفه ومحاسبته وإصدار حكم قضائي بحقه وليس اغتياله في الشارع بطريقة ترسخ الانفلات الأمني وغياب الدولة.

سلسلة طويلة من هذه الاغتيالات تشهدها مدينة “حلب” حيث أطلق مجهولون يستقلون دراجة نارية أول أمس النار على “” في قرية “المنصورة” بريف “حلب” الغربي. الخبر الذي تداولته عدة صفحات محلية حرصت على إرفاقه بالإشارة إلى أن “شهابي” كان له ارتباطات بالنظام المخلوع وقائمة اتهامات تتنوع بين صفحة وأخرى تتمحور حول قيامه بتسليم عناصر منشقين للنظام وكتابة تقارير وبين كونه عنصراً في مخابرات النظام.

في اليوم ذاته، أطلق مجهولون النار كذلك على “” عند دوار “الصنم” في “حلب” ما أودى بحياته، فيما كانت الصفحات تنشر صورةً له بثياب عسكرية وتقول أنه “شبيح” في النظام السابق وتمت تصفيته.

اغتيالات الثلاثاء شملت أيضاً الذي قتل عند مفرق “صبيحة” قرب مدينة “السفيرة” بريف “حلب” على يد مجهولين أيضاً، وقالت صفحات التواصل أنه كان يعمل سابقاً في صفوف قوات “الدفاع الوطني”.

تحريض علني على القتل

الصفحات التي تتناقل أخبار الاغتيالات وتؤكد أنها تستهدف عناصر سابقين في النظام المخلوع، تدعو بشكل علني لتنفيذ العمليات الانتقامية والاغتيالات ضد كل من يعرف عنه الانتماء للنظام السابق أو التعاون معه، بعيداً عن أي إجراءات قانونية أو محاكمات أو ما شابه إذ لا يحتاج الأمر إلا لمجهولين يطلقون النار ويمضون، لا سيما وأن أيّاً من هذه العمليات خلال الأشهر الماضية لم يعرف منفذوها ولم تتم محاسبة أحد على جريمة قتل خارج إطار القانون.

في هذا السياق، يعمل أصحاب نظرية الاغتيالات الانتقامية على تخوين كل من يحاول القول أن هذه الاغتيالات هي جرائم قتل خارج إطار القانون حتى وإن كانت تستهدف عملاء وشبيحة النظام السابق، لأنها حدثت دون محاكمة ودون الالتزام بمرجعية الدولة كمسؤولة وحيدة عن المحاسبة، وتحوّل مسألة المحاسبة إلى سلسلة انتقامية بين الأشخاص واستسهال إصدار الحكم عبر فايسبوك بأن الشخص المستهدف كان “شبيح وكاتب تقارير وغيرها من الاتهامات”.

من جانب آخر، بدأت الصفحات تنصح الأهالي بـ”عدم مجالسة الشبيحة حرصاً على حياتهم”، وذلك بعد حوادث شهدت سقوط ضحايا من الأبرياء في عمليات إطلاق نار تحت عنوان استهداف “شبيح”، وبطبيعة الحال ذهاب حقوق هؤلاء الضحايا سدىً دون أي محاسبة.

الصفحات ذاتها تحولت إلى منابر للتحريض على القتل و تدعو لاغتيالها بتهمة أنها كانت تعمل مع قوات النظام السابق، فيما تغيب فيها أي دعوة لمحاسبة هؤلاء الأشخاص أو القبض عليهم من قبل الحكومة السورية ومحاسبتهم عبر مسار قضائي واضح.

ومنذ الأيام الأولى لسقوط النظام دعا الرئيس السوري “أحمد الشرع” للتحول من عقلية الثورة إلى عقلية الدولة لقيادة “سوريا”، فيما ترسّخ عمليات القتل خارج إطار القانون حالة طويلة من الفلتان الأمني وخلط الثأر الشخصي بالمحاسبة العامة، وتهميشاً لدور الدولة في المحاسبة وتطبيق العدالة، فيما تغيب المحاسبة الرسمية ليس فقط عن مرتكبي الاغتيالات بل وحتى عن المحرّضين عليها عبر وسائل التواصل حيث تتفاخر الصفحات بدعواتها الثأرية والانتقامية دون خوف من المساءلة.

مشاركة المقال: