السبت, 21 يونيو 2025 01:02 AM

المزارعون في رأس العين وتل أبيض يئنون: نقص الحصادات يهدد مواسم الحصاد ويكبدهم خسائر فادحة

المزارعون في رأس العين وتل أبيض يئنون: نقص الحصادات يهدد مواسم الحصاد ويكبدهم خسائر فادحة

مع انطلاق موسم الحصاد، يواجه المزارعون في مدينتي رأس العين وتل أبيض تحديات جمة بسبب النقص الحاد في عدد الحصادات الآلية الجاهزة للعمل. على الرغم من تقلص المساحات المزروعة هذا العام، فإن غالبية الحصادات المتوفرة إما معطلة أو غير صالحة للاستخدام. يضاف إلى ذلك امتناع بعض أصحاب الحصادات عن تشغيلها، معتبرين أن قلة الأراضي المزروعة لا تبرر الجهد والوقت المبذولين.

لم تشهد أجور الحصاد أي تغيير هذا العام، حيث تتراوح بين 6 و8 دولارات أمريكية للدونم الواحد، إلا أنها لا تزال تمثل عبئًا ثقيلاً على كاهل المزارعين، خاصة في ظل غياب الدعم والتنظيم من الجهات المعنية.

تحت رحمة أصحاب الحصادات

مع كل موسم حصاد، يجدد المزارعون في المدينتين مطالبتهم بتوفير أعداد كافية من الحصادات لضمان جمع محاصيل القمح والشعير في الوقت المناسب والحفاظ على جودتها. فالتأخر في الحصاد قد يؤدي إلى تلف السنابل نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، مما يتسبب في تلف الحبوب وخسائر فادحة في المحصول. ويعرب المزارعون عن خشيتهم من اندلاع الحرائق المتكررة في الأراضي الزراعية، والتي قد تقضي على المحاصيل قبل حصادها، مما يضطرهم إلى القبول بأجور مرتفعة مقابل استئجار الحصادات. وفي ظل محدودية عددها، يجد الكثير منهم أنفسهم مجبرين على الخضوع لشروط أصحاب الحصادات، لعدم وجود بدائل أخرى.

المزارع قصي العمران (54 عامًا) من قرية السكرية في تل أبيض، يتخوف من تكرار سيناريو الموسم السابق، حيث تأخرت الحصادة عليه لأكثر من 14 يومًا من بدء موسم الحصاد، مما تسبب بخسارة نحو 20% من محصوله نتيجة الحرارة الشديدة وهبوب الرياح التي أدت إلى تطاير السنابل. وأوضح أنه تواصل مع العديد من أصحاب الحصادات، إلا أن معظمهم رفضوا القدوم والحصاد بحجة قلة المساحات المزروعة في قريته، مما يجعل العملية غير مجدية اقتصاديًا ولا تغطي التكاليف التشغيلية. وطالب الجهات المعنية بضرورة تأمين الحصادات في أقرب وقت ممكن هذا العام، خاصة مع بدء الموسم وارتفاع درجات الحرارة.

بدوره، حاول المزارع فراس العلي (45 عامًا) من قرية الجهفة شرقي مدينة رأس العين، تأمين حصادة لحصاد أرضه البالغة 70 دونمًا من القمح المروي، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل. ولم يجد فراس سوى حصادة واحدة طلب صاحبها أجرة 9 دولارات للدونم، وهو مبلغ يفوق السعر المتعارف عليه في المنطقة. وقال المزارع إنه وبعد بحث استمر لأكثر من أسبوع دون جدوى، اضطر إلى استئجار الحصادة بالسعر المرتفع، خوفًا على محصوله من التلف، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد خطر اندلاع الحرائق. وأشار إلى ضرورة تدخل الجهات المعنية لتوفير حصادات كافية بأسعار مقبولة، بما يسهم في تخفيف العبء عن المزارعين ويحدّ من خسائرهم خلال الموسم.

تعتبر الزراعة وتربية المواشي من المهن الأساسية التي يعتمد عليها غالبية سكان مدينتي رأس العين وتل أبيض، وتشكل مصدر دخل رئيسيًا لهم.

لا تغطي التكاليف التشغيلية

يواجه أصحاب الحصادات تحديات مماثلة لتلك التي يواجهها المزارعون، حيث يتحملون تكاليف تشغيل مرتفعة تشمل المحروقات وقطع الغيار، مما يجعل تشغيلها غير مجدٍ لمساحات صغيرة لا تتجاوز مئة أو مئتي دونم. عمران العديل، صاحب عدة حصادات في تل أبيض، أوضح أن المساحات الزراعية هذا العام محدودة مقارنة بالموسم السابق الذي شهد زراعة واسعة سواء بالري أو البعل. وأضاف أن تكاليف تشغيل الحصادة مرتفعة بسبب المحروقات والعمال والصيانة، ولا يمكن تشغيل الحصادة لحصاد مساحات صغيرة بين 100 و200 دونم بأسعار الموسم السابق. وأوضح أن الحصادة تخرج للعمل فقط عندما تكون المساحات المزروعة بين 700 و1000 دونم، لتغطية التكاليف التشغيلية وتحقيق ربح بسيط. وأشار إلى أن المشكلة ليست في التسعيرة المعتمدة، بل في انخفاض المساحات المزروعة، لا سيما غياب المساحات البعلية التي كانت تعوض التكاليف بشكل كامل في الأعوام السابقة.

مساحات منخفضة

رئيس مكتب الزراعة والثروة الحيوانية في المجلس المحلي، عمر حمود، أفاد بأن المساحات المزروعة بالقمح هذا العام تراجعت إلى نحو 70 ألف دونم، مقارنة بـ110 آلاف دونم في عام 2024، نتيجة الجفاف الذي ضرب المنطقة. وأضاف أن المنطقة لا تعاني من نقص في عدد الحصادات، لكن أصحابها يرفضون حصاد المساحات الصغيرة بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل، مثل الوقود وأجور العمال. وذكر أن تسعيرة الحصاد بقيت كما كانت في الموسم السابق، وتتراوح بين 6 و8 دولارات للدونم الواحد، لكن عزوف أصحاب الحصادات عن العمل في الأراضي الصغيرة تسبب بحدوث نقص حاد في الخدمة. وأشار حمود إلى أن المجلس المحلي يعتزم عقد اجتماعات بين المزارعين وأصحاب الحصادات، بهدف التوصل إلى حلول تُنهي هذه المشكلة.

الحكومة السورية تتسلّم القمح

أعلن مركزا الحبوب في رأس العين وتل أبيض عن بدء تسلم محصول القمح بنوعيه القاسي والطري من المزارعين، للموسم الحالي، وذلك بعد تحديد وزارة الاقتصاد والصناعة في الحكومة السورية الانتقالية سعر شراء طن القمح القاسي من الدرجة الأولى (دوكما) بـ320 دولارًا. ويأتي هذا الإعلان عقب صدور مرسوم رئاسي يمنح المزارعين الذين يسلّمون محاصيلهم للمؤسسة السورية للحبوب مكافأة مالية قدرها 130 دولارًا عن كل طن، تضاف إلى السعر الأساسي المعتمد.

اقرأ أيضًا: التصحّر يضرب مئات آلاف الدونمات في رأس العين وتل أبيض

مشاركة المقال: