يتناول مسلسل «سيوف العرب» فترة تمتد من الجاهلية إلى بداية الخلافة الأموية، مقدماً قصصاً فردية كان لها أثر في انتصارات جماعية، وأخرى شهدت انهيارات وهزائم كبيرة. يثير المسلسل تساؤلات حول كيفية تعامله مع التاريخ، إذ أن السيف العربي لم يكن مجرد أداة حرب، بل رمزاً يعكس التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية في الجزيرة العربية.
قبل الإسلام، كان السيف يمثل الصراع بين القبائل، وأداة لحسم النزاعات وإثبات الهيمنة. ومع ظهور الإسلام، تحول السيف إلى رمز للقوة الموحدة، يحمل دلالات الجهاد والدفاع عن العقيدة والعدل. لطالما كان السيف تعبيراً عن الشجاعة والواجب، وجزءاً من الهوية العربية.
اتخذت السيوف أسماء خاصة، ارتبطت بقصص أبطالها، وتناقلتها الأجيال. لم يكن السيف وحده يصنع التاريخ، بل كان جزءاً من ثنائية مع الفارس، الذي يمنحه معناه ويوجهه. ظل السيف حاضراً في التراث العربي كرمز للقوة والحكمة والشجاعة والشرف.
المسلسل الدرامي الوثائقي «سيوف العرب» (إخراج سامر جبر، إنتاج «المؤسسة القطرية للإعلام»، متوافر على منصة «شاهد») يسلط الضوء على أحداث مفصلية في التاريخ العربي الإسلامي، وعلى سيوف وسيافين تركوا بصماتهم في محطات حاسمة.
يطرح المسلسل أسئلة حول دوره: هل هو مجرد توثيق للحكايات، أم تحليل نقدي للتاريخ؟ وهل يسعى لقراءة الحاضر العربي في ضوء التاريخ؟
المسلسل يقدم حكاياته عبر خطين سرديين متوازيين: الأول وثائقي بصوت الراوي (جمال سليمان)، والثاني درامي بمشاهد تمثيلية يؤديها ممثلون مثل باسم ياخور وسلوم حداد ورهام القصار ونضال نجم.
يهدف هذا الجمع بين الوثائقي والدرامي إلى تقديم التاريخ في قالب فني مبتكر، يفتح مساحة للنقد والسؤال والمعرفة. لكن السؤال يبقى: هل نجح المسلسل في تحقيق هذا التوازن؟
في الحلقات الأولى، ظلت الأحداث التاريخية محصورة في بعدها السطحي، واعتمد العمل على العبرة المباشرة، واستخدمت الوثيقة التاريخية لتمرير حِكم ومواعظ تعزز الصورة القدسية للتاريخ.
على سبيل المثال، تستعرض الحلقة الأولى حكاية سيف الصمصامة وفارسه عمر بن معد يكرب، لكنها تتجاهل مرحلة ارتداده عن الإسلام. وحادثة سقوط بغداد في الحلقة الثالثة، تُعالج بشكل سطحي، وتُرجع أسباب السقوط إلى فساد الخليفة المستعصم بالله وخيانة وزيره.
في سياق مماثل، قُدّمت شخصية خولة بنت الأزور في الحلقة الثانية، وشخصيتا قطز وبيبرس في الحلقة الرابعة. المسلسل انحرف عن تقديم «حكايات السيوف» لمصلحة عرض سرديات تاريخية وشخصيات معروفة.
هذا الاختزال يعكس أزمة في الدراما التاريخية العربية، حيث يُعاد إنتاج المرويات دون مراجعة نقدية، ما يحرم العمل الوثائقي الدرامي من دوره كمحرك معرفي معاصر.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار