في ظل التحولات السياسية العميقة التي تشهدها سوريا، تتجه أنظار الملايين من المهجرين السوريين، سواء في الشمال السوري أو في دول اللجوء، نحو مستقبل يحدوهم الأمل بالعودة إلى ديارهم، إلا أن هذا الأمل محفوف بالمخاوف والتحديات المعقدة.
بعد زوال النظام السابق والممارسات التي أدت إلى تهجير قسري للملايين، تبرز الفترة الحالية كفرصة سانحة لتهيئة ظروف مغايرة تمامًا، تضمن عودة آمنة وكريمة للمهجرين. يستدعي ذلك تحركًا فاعلًا من منظمات المجتمع المدني لوضع خطة شاملة تتضمن تنظيم قوافل العودة من مناطق النزوح في شمال سوريا، وتأمين سكن ملائم في مناطقهم الأصلية، واستعادة الحقوق المسلوبة. وفي المقابل، فإن غياب مثل هذه التدابير من شأنه أن يعرقل العودة الجماعية.
وفي سياق الحديث عن إشكالية الدمار، يثار تساؤل حول ما إذا كان الدمار يشكل عائقًا أم فرصة؟ فالمدن السورية ما زالت تعاني من دمار واسع النطاق يمثل تحديًا يفوق قدرة أي حكومة ناشئة. مناطق بأكملها تحتاج إلى إعادة بناء شاملة قبل أن تصبح صالحة للسكن، وهذا يعتبر أحد أبرز العوامل التي تعطل العودة الجماعية وتبقي المهجرين في حالة ترقب دائم.
ولا بد من التطرق إلى دور المجتمع الدولي في إعادة الإعمار. على الرغم من أن سقوط النظام السابق قد يفتح الباب أمام دعم دولي أكبر، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تدفق الاستثمارات بسرعة. فالأمر يتطلب بناء الثقة مع الجهات المانحة، واعتماد آليات شفافة تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها. وأي إخفاق في هذا الجانب سيؤدي إلى تفاقم المشكلة.
ويرى أ. حسن البشش، الصحفي والباحث المتخصص بالشأن السوري، أن الخطوات الضرورية نحو المستقبل، لضمان معالجة قضية المهجرين بفاعلية، يجب أن تتضمن ما يلي:
- وضع قوانين تحمي حقوق العائدين وتضمن استقرارهم.
- تنسيق جهود دولية شاملة لوضع خطة متكاملة لإعادة الإعمار.
- تعزيز الدبلوماسية لضمان الدعم المالي والفني اللازم لإحياء المدن.
- إشراك المهجرين في التخطيط، لتكون الحلول واقعية ومتلائمة مع احتياجاتهم.
إن تجاهل هذه الخطوات سيؤدي إلى ترسيخ مأساة الملايين من السوريين، ويهدد فرص تحقيق الاستقرار على المدى الطويل لشريحة واسعة من الشعب السوري.