بعد 12 يومًا من التصعيد: هدنة بين إيران وإسرائيل وسط خسائر فادحة وتداعيات إقليمية وعالمية


هذا الخبر بعنوان "حرب الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل: خسائر فادحة تفتح أبواب التهدئة على جراح مفتوحة" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٥ حزيران ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في أعقاب 12 يومًا من التصعيد العسكري غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، والذي شهد قصفًا مكثفًا وتهديدات متبادلة وغارات متبادلة، أعلنت الأطراف المعنية عن وقف إطلاق النار، في هدنة وُصفت بأنها "ضرورية" لاحتواء تداعيات المواجهة على المنطقة والعالم.
لكن هذه الهدنة لم تكن مجانية، فقد خلّفت الحرب القصيرة، ولكن المكلفة، آثارًا عميقة على الصعيدين البشري والاقتصادي، امتدت من ساحات القتال إلى المطارات والموانئ والأسواق العالمية.
من حيث عدد الضحايا، تكبدت إيران خسائر بشرية جسيمة قُدّرت بين 865 و974 قتيلاً، من بينهم أكثر من 215 عسكريًا، إلى جانب مئات المدنيين، وبلغ عدد الجرحى أكثر من 3,400 شخص، وفقًا لتقارير صحيفة The Guardian ووكالة أسوشيتد برس. أما إسرائيل، فقد سجلت 24 قتيلاً، إضافة إلى أكثر من 2,500 جريح، بينهم مصابون نتيجة حالات ذعر وهلع جراء الصواريخ الإيرانية.
وعلى المستوى العسكري، تكبد الجانبان خسائر نوعية. فقد استهدفت إسرائيل منشآت استراتيجية إيرانية، بينها منشآت نووية مثل "فوردو"، ومراكز عسكرية في أصفهان وطهران، بينما تمكنت إيران من استهداف قواعد جوية وبنى تحتية عسكرية في النقب وشمال إسرائيل، وفقًا لتقارير صحيفة الإندبندنت وتايمز أوف إسرائيل.
دفعت إسرائيل ثمنًا اقتصاديًا باهظًا. فقد أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية أن تكلفة الحرب حتى الآن بلغت نحو 29.1 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز 70 مليار دولار بحلول نهاية عام 2025، بحسب تقرير لقناة i24NEWS نقلاً عن بيانات رسمية.
تأثرت البنية التحتية بشدة، إذ دُمرت آلاف المنازل والمزارع، وأحرقت مساحات واسعة من الغابات، في وقت تتصاعد فيه التقديرات بشأن تكلفة إعادة الإعمار. كما أدت الهجمات الصاروخية إلى شلل في قطاعات عدة، أبرزها الطيران والتجارة.
أشار الباحث الاقتصادي د. محمد موسى، في حديثه لـ"النهار"، إلى أن "دائرة الإحصاءات الإيرانية لم تُصدر حتى الآن بيانًا تفصيليًا بشأن الخسائر، واقتصر التصريح الرسمي على الإشارة إلى ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية، رغم أن هذه السلع لا تزال متوفرة في الأسواق. أما الخسائر في البنى التحتية، فمن الصعب حصرها بدقة بسبب كثافة الضربات الإسرائيلية التي طالت مواقع متفرقة في عمق الأراضي الإيرانية".
ومن بين أكثر الخسائر حساسية، ما طال البرنامج النووي الإيراني، الذي استغرق تطويره نحو 25 عامًا من الجهد والاستثمار الضخم، بحسب موسى، "ما يجعل استهدافه بمثابة ضربة مباشرة ذات كلفة استراتيجية يصعب تعويضها أو تقديرها رقميًا".
أما على مستوى قطاع الطيران والمرافق الحيوية، يتوقع موسى أن "تبدأ آثار الخسائر بالظهور بشكل ملموس خلال أقل من 48 ساعة، مع تعطل جزئي أو كلي في بعض المطارات والمنشآت الخدمية".
ورغم عمق الضرر الذي لحق بإيران، إلا أن إسرائيل بدورها لم تخرج من الصراع دون أذى. فقد تكبدت خسائر في البنى التحتية، وواجهت هزات في مستوى الأمن الداخلي وسمعتها الدولية، لا سيما مع اتساع نطاق الردود الإيرانية.
وبذلك، يمكن القول إن هناك نوعًا من التوازن في حجم الخسائر بين الطرفين، برأي الباحث الاقتصادي، وإن كانت الخسائر الاستراتيجية والأمنية أكثر فداحة بالنسبة لإيران نظرًا لطبيعة الأهداف التي طالتها وأثرها الطويل المدى.
في إيران، توقفت الرحلات في مطار الإمام الخميني الدولي بطهران، ما تسبب في تعليق مؤقت لحركة الحجاج والمعتمرين، وتعطلت العديد من الرحلات الدولية.
أما في إسرائيل، فكانت الخسائر فادحة على مستوى الطيران المدني. شركة "إيل عال"، الناقل الوطني الإسرائيلي، خسرت أكثر من 19% من قيمتها السوقية منذ بداية الحرب، فيما انخفضت حركة المسافرين من نحو 90 ألف مسافر يوميًا إلى ما دون 11 ألف. وتكبد مطار بن غوريون وحده خسائر يومية تجاوزت 5 ملايين دولار، بإجمالي خسائر قاربت 170 مليون دولار خلال فترة الحرب، بحسب بيانات نشرتها رويترز وFlightGlobal. وإزاء هذا الواقع، تدخلت الحكومة الإسرائيلية لتقديم ضمانات تأمين تصل إلى 6 مليارات دولار لتغطية خسائر قطاع الطيران والمطارات، في خطوة غير مسبوقة.
أثرت الحرب أيضًا على سلاسل التوريد العالمية. ومع تصاعد التهديدات قرب مضيق هرمز واحتمالات التصعيد في البحر الأحمر، أعادت شركات الشحن الكبرى مثل Maersk وMSC جدولة خطوطها لتجنب الممرات الخطرة، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الشحن. وبحسب تقرير صادر عن Allyn International، ارتفعت تكلفة شحن الحاويات بين آسيا وأوروبا بنسبة 10% إلى 15%. وزادت رسوم التأمين البحري بنسبة 50% إلى 250%. كما شهدت بعض الرحلات البحرية زيادة في تكلفتها الكلية بحوالي 1.65 مليون دولار للرحلة الواحدة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، التأمين، ورسوم المرور.
كل هذه الاضطرابات في قطاع الشحن تسببت في تأخير تسليم البضائع من أسبوعين إلى ثلاثة، وفرضت أعباء إضافية على المستهلكين في أوروبا، آسيا، والشرق الأوسط.
رغم أن الهدنة الحالية نجحت في كبح التصعيد، إلا أن الأضرار التي خلفتها الحرب لا تزال ماثلة. فالمعادلات العسكرية تغيّرت، والاقتصاد الإسرائيلي يواجه تحديات غير مسبوقة، بينما تعيد إيران حساباتها في ظل الضربات التي تعرضت لها منشآتها الاستراتيجية. أما الاقتصاد العالمي، فهو يرزح تحت ضغط مضاعف مع ارتفاع تكاليف الشحن والطاقة، وسط مخاوف من عودة التوتر في أي لحظة.
الحرب انتهت، لكن فواتيرها لم تُسدّد بعد، والأثمان التي دُفعت ستُحدد شكل المرحلة المقبلة في صراع بات متعدد الجبهات: من الجو إلى البحر، ومن الاقتصاد إلى السياسة.
اقتصاد
سياسة دولي
سياسة دولي
اقتصاد وأعمال