الخميس, 26 يونيو 2025 07:14 PM

مهندس سوري يعيد الحياة إلى قريته المدمرة بفضل طائرة مسيرة

مهندس سوري يعيد الحياة إلى قريته المدمرة بفضل طائرة مسيرة

بعد أن هجر قريته الواقعة في شمال غرب سوريا بسبب القصف، لم يستسلم المهندس المعماري عبد العزيز المحمد، بل استخدم طائرة مسيرة لتوثيق حجم الدمار، وهو ما ساعده في حشد الدعم لإعادة إعمارها.

بعد أيام من سقوط حكم بشار الأسد، عاد المحمد (34 عاماً) إلى قريته تل مرديخ في محافظة إدلب، حيث يقع موقع إيبلا التاريخي الذي يعود إلى خمسة آلاف عام، واستأنف العمل. خلال أسبوعين، وثق الأضرار الكبيرة التي لحقت بالقرية، خاصة نتيجة قصف قوات الجيش السوري السابق.

يقول المحمد لوكالة “فرانس برس”: “عندما عدت، صدمت بحجم الدمار، كنا نسير في الشوارع ولا نتعرف عليها. لم أتعرف حتى على بيت أهلي”.

يروي أنه أمضى أسبوعين “سيراً على الأقدام من بيت إلى بيت… كنا ندخل البيوت ونحن خائفون، لا نعرف ما يوجد داخلها، فالمنطقة بقيت لخمس سنوات تحت سيطرة النظام”.

تحت أشعة الشمس الحارقة، يتابع المحمد العمال وهم ينهون ترميم أحد بيوت قريته التي تحولت أبنيتها إلى هياكل، واختفت معالم طرقها وتفتقر إلى كل مقومات الحياة.

قبل نزوح المحمد في العام 2019 نحو الحدود مع تركيا، بدأ بتوثيق تفاصيل معالم القرية وبيوتها وشوارعها. ولم يتوقف العمل خلال فترة النزوح، إذ كان يرسل طائرته المسيّرة لتصوير الأضرار.

من خلال البيانات التي جمعها، أنشأ خارطة تفاعلية للقرية تبين بالتفصيل حال كل منزل من منازل القرية البالغ عددها 1500.

ساعدت هذه البيانات في تحريك منظمة “شفق”، وهي منظمة إنسانية مقرها تركيا، والتي وافقت على تمويل كلفة ترميم 434 منزلاً من نحو 800 منزل متضرر، بينما هناك 700 منزل مدمر بشكل كامل.

بدأت أعمال الترميم قبل أسابيع عبر متعهد محلي، ومن المفترض أن تنتهي في آب/أغسطس بتكلفة تفوق المليون دولار. وتشمل الأعمال أيضاً إصلاح بئرين للمياه وشبكات للصرف الصحي.

يقول المحمد، الذي يزور القرية باستمرار لمتابعة العمل، رغم أنه يقطن في مدينة إدلب الواقعة على بعد نحو 18 كيلومتراً: “بدأ المشروع فعلاً ولم نصدق أننا وصلنا إلى هذه المرحلة، وأن البيوت سوف تبنى بالفعل، وسيعود الناس”.

ويضيف الشاب: “حلمي اليوم كابن قرية تل مرديخ أن يُعاد إعمار القرية، وأن يعود إليها الناس والحياة، لأن مشهد القرية كئيب من دون أهلها ومع بيوتها المدمرة”.

شرّد النزاع الذي بدأ عام 2011 بعيد قمع السلطات للاحتجاجات الشعبية التي اندلعت ضد حكم عائلة الأسد، قرابة نصف عدد سكان سوريا داخل البلاد وخارجها. ولجأ جزء كبير من النازحين إلى مخيمات في إدلب ومحيطها.

بحسب أرقام جديدة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، عاد أكثر من 500 ألف سوري إلى ديارهم من الخارج، في حين رجع نحو 1,2 مليون سوري من النازحين داخلياً إلى مناطقهم الأصلية منذ أواخر تشرين الثاني/نوفمبر.

وقدّرت المفوضية أنه بحلول نهاية العام 2025، قد يتمكن ما يصل إلى 1,5 مليون سوري في الخارج ومليوني نازح داخلياً من العودة إلى ديارهم.

مع رفع العقوبات الغربية عن سوريا، لا سيما الأميركية، تعوّل السلطات الجديدة على دعم الدول الصديقة والغربية لإطلاق مرحلة إعادة الإعمار، والتي قدّرت الأمم المتحدة كلفتها بأكثر من 400 مليار دولار.

تقتصر إعادة الإعمار حتى اللحظة على مبادرات فردية أو من منظمات إنسانية، بينما لم تشرع الدولة بعد بوضع خطط لها.

على غرار قرى أخرى في محافظة إدلب كانت تحت سيطرة قوات الجيش السوري سابقاً، عاد العشرات فقط من سكان تل مرديخ إلى القرية وهم يعيشون في بيوتهم المدمرة في انتظار ترميمها.

بين هؤلاء علاء الغريب (45 عاماً) الذي ينتظر ترميم منزله ضمن مشروع منظمة “شفق”. ويقول: “عشت سبع سنوات في الخيم. عند التحرير، عدت إلى قريتي، لا أبواب ولا شبابيك ولا شيء في بيتي”، مضيفاً: “وضعت بطانية على الباب ودخلت ونظفت المنزل وسكنت فيه”.

يطمح المهندس المعماري عبد العزيز المحمد إلى أن تعود الحياة إلى قريته وتنشط السياحة فيها من جديد.

ويختم: “أتمنى أن أرى سوريا وقد أعيد إعمارها على طراز حديث أطمح إليه كمهندس معماري، وأرى سوريا التي نحلم بها.. فيها أمل ويبنيها شبابها”.

مشاركة المقال: