الجمعة, 27 يونيو 2025 05:44 AM

عودة مريرة إلى ريف اللاذقية: قُرى تنتظر إعادة الإعمار وسط نقص الخدمات

عودة مريرة إلى ريف اللاذقية: قُرى تنتظر إعادة الإعمار وسط نقص الخدمات

"رجعت، بس لا في مي، لا في مدرسة، ولا حتى طريق أمشي عليه بأمان"، بهذه الكلمات يختصر عبد الله، أحد العائدين إلى قريته في ناحية كنسبا بريف اللاذقية الشمالي، صورة الواقع المرير الذي يعيشه الأهالي بعد عودتهم.

عبد الله، الذي نزح منذ عام 2014، تنقل بين مخيمات في جسر الشغور وخربة الجوز، قبل أن يتخذ قرار العودة بعد انتهاء امتحانات أطفاله الثلاثة. ويقول لمنصة "سوريا 24": "في المخيمات صاروا يقطعوا عنّا كل شيء، كأنهم عم يدفعونا نرجع، بس اللي رجع فعلًا، رجع على خراب".

ويضيف عبد الله أن "حتى خزان المياه مدمر، نحن العائدين نظفناه، وما في منظمة اطلعت على أحوالنا أو سألت عنا حتى الآن".

من جهته، أوضح مدير إحدى المنظمات المحلية العاملة في المنطقة لـ"سوريا 24" أن "الاستجابة الإنسانية في هذه القرى العائدة ضعيفة جدًا، واقتصرت على بعض السلل الغذائية والمساعدات النقدية". وأكد أنه "حتى الآن، لا وجود لخطة متكاملة لإعادة تأهيل البنى التحتية أو دعم الزراعة، والمنازل لا تزال مهدمة، والخدمات غائبة بشكل شبه تام".

وفي سياق متصل، أشار أحمد خليلو، مدير دائرة الإحصاء في اللاذقية، إلى أن عدد العائلات العائدة فعليًا إلى قرى وبلدات ريف اللاذقية الشمالي بلغ 150 عائلة منذ بداية 2024 وحتى منتصف عام 2025. وأوضح لمنصة "سوريا 24" أن العمل جارٍ لتحديث قاعدة بيانات ميدانية لتحديد احتياجات العائدين وفق كل بلدة.

أما محمد حسن قطرون، مدير دائرة الخدمات في محافظة اللاذقية، فقد استعرض الجهود التي تبذلها المحافظة بالتنسيق مع جميع المنظمات العاملة في الجمهورية العربية السورية، بالتعاون المباشر مع مكتب العمل الإنساني، بهدف دعم العائلات العائدة إلى قراها في ريف اللاذقية الشمالي. وأشار إلى أن حجم التدخل لا يزال محدودًا مقارنة بحجم الاحتياجات الفعلية.

وأكد قطرون لمنصة "سوريا 24" أن المساعدات المقدمة حتى الآن شملت مساعدات غذائية، وسللًا غير غذائية (NFI)، إضافة إلى مساعدات نقدية، وقد تم توزيعها وفق معايير خاصة تعتمدها المنظمات الداعمة، مع إعطاء الأولوية للأسر التي تعيلها نساء، ولذوي الاحتياجات الخاصة، وكبار السن، والعائدين المتضررين من النزاع.

ورغم ذلك، وصف الاستجابة الدولية لحاجات هذه المناطق بـ"المقبولة نوعًا ما"، مشيرًا إلى أنها لا تزال دون المستوى المطلوب لتأمين استقرار مستدام للعائدين.

وحول التحديات الميدانية، أشار مدير الخدمات إلى أن غياب المياه الصالحة للشرب، والكهرباء، والمدارس والمراكز الصحية الفاعلة، تبقى أبرز العوائق التي تمنع تحوّل العودة إلى استقرار فعلي.

وفيما يتعلق بوضع المنازل التي فقد أصحابها أوراق ملكيتها أو تعرضت للتدمير الكامل، أكد قطرون أن هناك آلية لإصدار قيود جديدة عن طريق مديرية الأحوال الشخصية، لتسهيل عودة الملكية القانونية للعائلات المتضررة.

وفي ما يتعلق بفرص العمل والدعم الزراعي، كشف عن وجود خطة مبدئية لدعم المشاريع الزراعية الصغيرة، لكنها ما زالت في طور التخطيط، ريثما تتوفر الموارد والتمويلات المطلوبة من الجهات المانحة.

العودة إلى الخيمة… هل هو الحل؟

تبقى الخيمة – كما قال عبد الله – خيارًا أكثر واقعية من منزل بلا باب، ومدرسة مدمرة، في منطقة بلا ماء، وسط وعود مؤجلة وحياة لم تبدأ بعد.
مشاركة المقال: