الجمعة, 27 يونيو 2025 05:18 PM

الحرب الإيرانية الإسرائيلية: نظرة على الجولات القادمة وتداعياتها المحتملة

الحرب الإيرانية الإسرائيلية: نظرة على الجولات القادمة وتداعياتها المحتملة

منذ قيام الثورة في إيران وإعلانها العداء المطلق للعدو الإسرائيلي، وتصنيفها من قبل الولايات المتحدة ضمن ما يُسمى محور الشر، والداعم الأكبر للحركات الإرهابية في العالم، وبرنامجها النووي الذي يخدم هذه الأهداف، لم تتوقف الولايات المتحدة عن توجيه التهديدات لإيران بوجوب التخلي عن هذا البرنامج والسماح للمفتشين الدوليين بزيارة منشآتها النووية.

على الرغم من تجاوب إيران مع هذا الطلب وإعلانها أن برنامجها النووي لأغراض سلمية، إلا أن الولايات المتحدة زادت من ضغوطها عليها، وعمدت إلى محاصرتها بعقوبات اقتصادية جائرة. في الحقيقة، إن الولايات المتحدة لا يهمها البرنامج النووي الإيراني بقدر ما يخيفها عداء الثورة في إيران للكيان الصهيوني، والذي هو عداء مبدئي وليس سياسياً.

يجب التنبه إلى أن الولايات المتحدة تولي أهمية قصوى لإخضاع النظام في إيران أو إسقاطه، نظراً إلى موقع إيران الاستراتيجي الذي يشكل عقبة أمام توسعها ونقطة ضعف في الطوق الأميركي حول روسيا. واعتبرت أن وجودها في العراق يشكل تهديداً لأمن إيران وأن التوصل إلى تسوية للصراع العربي – الإسرائيلي من شأنه أن يؤدي إلى عزل هذا البلد، ويكف يده عن التعاطي في شؤون المنطقة، ويمهد لمواجهته.

مع ذلك، لم تسع الولايات المتحدة طوال الفترة الماضية إلى استعمال القوة العسكرية في مواجهة طهران، إدراكاً منها أن أي مواجهة من هذا النوع ستكون لها عواقب وخيمة، ليس أقلها احتمال الرد بإغلاق مضيق هرمز ومنع حاملات النفط من المرور وضرب السفن، ما يؤدي إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة، وكل ذلك سيكون له تأثير خطير على الاقتصاد العالمي، وفي طليعة المتأثرين الولايات المتحدة الأميركية.

إدراكاً من الطرفين لخطورة الانزلاق إلى منازلة خطيرة بهذا الحجم، جاءت الضربة الأميركية الأخيرة والرد الإيراني عليها بالشكل الذي أتاح للطرفين حفظ ماء الوجه. من الواضح أن الطرفين الأميركي والإسرائيلي وقعا ضحية سوء التقدير، فقد اعتقدا أن الضربة المفاجئة التي افتتحت بها إسرائيل الحرب ستؤدي إلى انهيار النظام في إيران ومعه الجيش، لكن الذي ظهر عكس ذلك تماماً، فقد ثبت للجميع أن هناك مناعة داخل مؤسسات الدولة وفي المجتمع يصعب اختراقها.

إذا كان من عنوان يجب أن يُعطى لهذه الحرب فهو "الصاروخ مقابل الطائرة". فالتفوق الجوي الإسرائيلي الكبير قابلته قوة صاروخية جبارة من الجانب الإيراني موجهة بأدوات التكنولوجيا المتقدمة، والتي لم تكن إسرائيل تتوقعها، ما أدى إلى خلخلة التوازن عندها، إلى درجة دفعت الولايات المتحدة إلى التدخل، بعد أن وجدت أن قدرة الجيش الإسرائيلي على التحمل ضعفت كثيراً، ما انعكس سلباً على المجتمع الإسرائيلي، والذي يرتبط وجوده وبقاؤه بقوة هذا الجيش وقدرته على حمايته.

اليوم، بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف النار، يمكننا القول أن جولة من جولات هذه الحرب الإيديولوجية العقائدية قبل أن تكون مرتبطة بقضايا سياسية وأمنية قد انتهت، ولكن الحرب مستمرة بأشكال متعددة… فالنظام العالمي الجديد لن يستقر وسيبقى على هذا الشكل من الاضطراب والتأرجح، إلى أن تُحسم الأمور لمصلحة أحد الطرفين.

أخبار سوريا الوطن١-النهار

مشاركة المقال: