الجمعة, 4 يوليو 2025 09:49 AM

البر بالوالدين: فلسفة حياة ووفاء عبر الأجيال

البر بالوالدين: فلسفة حياة ووفاء عبر الأجيال

يتأمل المهندس نضال رشيد بكور في سلوك الإنسان تجاه والديه، ويكشف لنا أن الأمر ليس مجرد عاطفة عابرة أو عادة اجتماعية، بل هو فلسفة حياة عميقة الجذور، ترتكز على العرفان والوفاء والإقرار بأن هناك من صنعنا قبل أن نعي ذواتنا.

البر ليس مجرد فعل أخلاقي نمارسه امتثالاً لوصايا الدين أو قيم المجتمع، بل هو مرآة تعكس إنسانيتنا. فالبر الحقيقي ينبع من شعور عميق بالامتنان، من تذكر الليالي التي سهرت فيها أم على مرض ولدها، أو الأب الذي أخفى آلامه ليظهر القوة في عيون أطفاله.

نحن لا نبر والدينا لأنهما بلا أخطاء، بل لأنهما أول من أحبنا وربونا بما استطاعا، حتى لو أخطأا أو قصرا أحياناً. البر لا يعني الكمال، بل يعني إدراك حجم ما بذلاه والاعتراف بفضلهما رغم كل شيء. البر ليس مكافأة للكمال، بل وفاء للحب والعطاء.

تأملوا الطفل الذي رفض أن يأكل إلا مع أمه. هذا ليس مجرد دلال أو ارتباط طفولي، بل هو نقاء الفطرة، فطرة الوفاء التي لا يفسدها إلا التلوث الحضاري الذي يعلمنا الفردية على حساب الجماعة، والمصلحة على حساب الوفاء.

وحين تميل أم الزوج إلى ابنها وتتشبث بقربه، فذلك ليس تطفلاً كما قد تراه بعض الزوجات، بل هو حنين عمر كامل لرجل كان يوماً صغيراً بين يديها، وكان كل عالمها. الزوجة الحكيمة لا تغار من حب الأم، بل تتشارك فيه، لأنها تدرك أن من يعرف كيف يكون باراً بأمه، سيكون أوفى لزوجته وأكثر حناناً لأبنائه.

البر لا يخيف. من يخيفنا حقاً هم الذين نسوا أصولهم. فلنجعل من يوم الجمعة موعداً لتذكير أنفسنا بأن البر ليس موسمياً، بل هو درب طويل نسير فيه كل يوم، حتى إذا غاب من نبرهم، بقينا أوفياء لما تركوه فينا من أثر، لأننا يوماً ما سنكون في ذات المقام. فكونوا *بني الأصل* قبل أن تنتظروا براً من غيركم.

جمعتكم مباركة، تقبل الله طاعتكم وبالوالدين إحساناً. 27/6/2025 (اخبار سوريا الوطن-٢)

مشاركة المقال: