الأربعاء, 16 يوليو 2025 06:55 PM

المرأة في القرآن: تأملات في دلالات لغوية عميقة حول دورها في البيت والمجتمع

المرأة في القرآن: تأملات في دلالات لغوية عميقة حول دورها في البيت والمجتمع

في خضم الأصوات المنادية بالمساواة والعدالة، قد يغفل البعض عن أسمى صور التكريم، تلك التي تتجسد في الآيات القرآنية لا في الشعارات. يتأمل المهندس نضال رشيد بكور في النص القرآني، فيلاحظ أن البيت، على الرغم من أنه يُبنى بمال الرجل، غالباً ما ينسب إلى المرأة، لا على سبيل الملكية المادية، بل بوصفه حاضنة وجدانية.

القرآن الكريم لا يعبر عبثاً، بل يشيد معانيه بعناية إلهية فائقة. فعندما يقول: "لا تُخرجوهن من بيوتهن"، يصبح المكان أكثر من مجرد جدران وسقف، بل امتداداً لكيان المرأة، وجزءاً من سكنها النفسي ووجودها الاجتماعي. فالمرأة حين تقيم في بيت، تضفي عليه من جوهرها ما يجعله بيتاً بالمعنى الحقيقي، لا مجرد مأوى.

في القرآن، ليست المرأة ساكنة فحسب، بل هي باعثة للسكن: "لتسكنوا إليها". فالسكينة ليست شعوراً فردياً، بل ثمرة رابطة تتجلى حين تحتضن المرأة الرجل والبيت معاً، فتغدو مركز الجاذبية العاطفية في هذا الفضاء المصغر من العالم.

حتى بيوت النبي، التي من المفترض أن تُنسب إليه، توصف بأنها بيوت زوجاته: "في بيوتكن". ليس ذلك انتقاصاً من مكانته، بل تكريماً لهن، لأنهن كن حاضنات الوحي، وراويات الحكمة، ومربيات الأمة في بداياتها.

وعند التأمل، نرى أن القرآن حين يسند البيت للمرأة، لا يتحدث فقط عن جدران، بل عن شعور بالانتماء والطمأنينة والأمان. ولكن في المقابل، حين تفقد المرأة عنصر الطهر والكرامة، لا يذكر البيت بصيغة الملكية، بل يجرد من الإسناد العاطفي، ويصبح "البيوت"، كما في شأن من تأتي الفاحشة.

هذه الدقة في التعبير تكشف فلسفة قرآنية عميقة: المرأة ليست فقط ربة منزل، بل هي الروح التي تبث الحياة فيه، هي الحاضنة التي تحول البناء إلى بيت، والسكن إلى مأوى نفسي. يا له من تكريم عظيم! ويا له من ترفع عن الماديات في تصور علاقة المرأة بالمكان!

في زمن يلهث فيه العالم وراء تعريفات مؤقتة للحرية، يضع القرآن تعريفاً خالداً للكرامة. المرأة في القرآن ليست ضيفاً في البيت بل عماده، وهي ليست تابعة للرجل بل شريكته في المعنى، ومرآته في السكينة. وكم من بيت ضخم خلا من المرأة، فصار خاوياً إلا من الأثاث! فسبحان من جعلها سكناً وكرمها بلفظ، واحتفى بوجودها بنسب لغوي دقيق يلهم العقول والقلوب على حد سواء. (موقع أخبار سوريا الوطن-١)

مشاركة المقال: