ألقت شرطة مدينة سلمية، الواقعة شرقي محافظة حماة، القبض على مجموعة من الأشخاص متورطين في أعمال تنقيب غير قانونية عن الآثار في منطقة الشيخ علي، شرقي المدينة. وقد صرح مصدر أمني لجريدة "السلمية" المحلية بأنه تمت مصادرة جميع المعدات المستخدمة في التنقيب، بما في ذلك تركس كبير، وأن التحقيقات جارية تمهيدًا لإحالة المتورطين إلى القضاء.
تأتي هذه الحادثة في سياق تصاعد عمليات نهب وتخريب المواقع الأثرية في سوريا، والتي ازدادت حدةً عقب انهيار النظام السابق في ديسمبر الماضي. وتشير التقديرات إلى أن نسبة كبيرة من قضايا تهريب الآثار، تتراوح بين 30 و 33%، سُجلت خلال الأسابيع الأخيرة فقط.
يعزو المختصون هذا الارتفاع إلى تفاقم معدلات الفقر، حيث يعيش ما يقرب من 90% من السوريين تحت خط الفقر، بالإضافة إلى ضعف تطبيق القوانين، مما يدفع الكثيرين إلى الانخراط في أعمال التنقيب غير الشرعي كمصدر بديل للدخل.
أكد باحثون محليون في مجال حماية التراث أن التنقيب العشوائي يتسبب في دمار كبير للمواقع التاريخية، حيث يؤدي حفر الفجوات العميقة إلى تدمير الطبقات الأثرية المتعاقبة، مما يفقد تلك المواقع قيمتها العلمية ويعيق جهود التوثيق والترميم. وغالبًا ما تُهرّب المكتشفات، خاصة القطع الفسيفسائية والتماثيل والمخطوطات، إلى خارج البلاد لبيعها في مزادات دولية.
في موقع تل الشيخ علي تحديدًا، وثّقت مجموعة محلية لمراقبة الآثار وجود فتحات يصل عمق بعضها إلى خمسة أمتار، حُفرت باستخدام معدات ثقيلة. وأفاد أحد أعضاء المجموعة، مشترطًا عدم الكشف عن اسمه: "يعملون نهارًا وليلًا... أخشى على حياتي، لذا لا أجرؤ على الاقتراب".
على الرغم من أن القوانين السورية تفرض عقوبات تصل إلى السجن لمدة 25 سنة على المتورطين في تهريب أو تخريب الآثار، إلا أن ضعف إنفاذ القانون وغياب الرقابة الفعالة، خاصة في المناطق الريفية، أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة.
أثارت هذه الحادثة ردود فعل واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تراوحت التعليقات بين السخرية من تأخر الجهات الأمنية، والانتقاد اللاذع للواقع المعيشي الذي يدفع البعض لمثل هذه الأفعال. كتب أحد المعلقين: "كل المحافظات تحفر بالليل، نحن بسلمية عالعلن وبتركس!"، فيما تساءل آخر: "ليش ضل شي ينقبوا عليه؟"، بينما دعا ثالث إلى ترميم قلعة سلمية المهملة قبل الحديث عن حماية الآثار.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
