الإثنين, 30 يونيو 2025 04:38 PM

ما بعد الحرب على إيران: هل تعيد أمريكا هندسة المنطقة من بوابة غزة؟

ما بعد الحرب على إيران: هل تعيد أمريكا هندسة المنطقة من بوابة غزة؟

بقلم: يحيى دبوق

يعتبر تصاعد الضغوط الأمريكية على إسرائيل لإنهاء الحرب في قطاع غزة مؤشراً بارزاً على تحول في مقاربة الولايات المتحدة للصراع، خاصة بعد المواجهة الإسرائيلية – الأميركية ضدّ إيران. فواشنطن، التي كانت تدعم الحرب حتى وقت قريب، تمارس الآن ضغوطاً مكثفة على تل أبيب لإيجاد مخرج عسكري – سياسي لها، بهدف وضع أساس لتسوية شاملة، قد تكون صفقة الأسرى مدخلها الأول والرئيسي.

ترى الإدارة الأميركية أن المنطقة دخلت مرحلة مؤاتية لوضع ترتيبات إقليمية جديدة، عنوانها تعزيز الشراكات الأمنية والسياسية بين إسرائيل ودول الخليج، وفي مقدمتها السعودية. وإذا تحققت هذه الشراكات، فستكون ركيزة أساسية لمنظومة أمنية – سياسية إقليمية جديدة، تخدم المصالح الأميركية وتمنع الخصوم الإقليميين (إيران) من توسيع نفوذهم، وتغلق المنطقة أمام الخصوم الدوليين (الصين وروسيا).

السؤال المركزي هو: هل تؤثر هذه الضغوط فعلياً على القرار الإسرائيلي لوقف الحرب، أم أنها تبقى مجرد تمنيات؟ وهل تمتلك الولايات المتحدة مصلحة استراتيجية واضحة في إنهاء الحرب الآن؟

سُجلت مواقف وتطورات تكشف عن الاتجاه الجديد في السياسة الخارجية الأميركية، أبرزها تصريحات الرئيس دونالد ترامب، التي تعكس رؤية أميركية جديدة حول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، والدور الذي يفترض أن يلعبه في المرحلة المقبلة. لم يعد ترامب يكتفي بالضغط لإنهاء الحرب في قطاع غزة، بل يربط هذا الهدف بحسابات أوسع، تبدأ من الانتصار العسكري على إيران، وتمر عبر تكريم نتنياهو كزعيم حرب، وصولاً إلى الدعوة الصريحة إلى إلغاء محاكمته.

في تصريحات متلاحقة، اعتبر ترامب نتنياهو «رجل الانتصارات» الذي قدم لإسرائيل أكثر مما قدمه أي زعيم إسرائيلي آخر، وأن «دوره كان محورياً في تحقيق اختراقات كبيرة في مجال الأمن الإسرائيلي، وكذلك الأمن الإقليمي، خصوصاً في ملف إيران النووي». كما اعتبر أن استمرار المحاكمة السياسية ضده يضر باستقرار إسرائيل وأمنها وبالشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. يظهر اهتمام ترامب بتحسين الترتيب الإقليمي الذي يسعى إليه، عبر تقليل العقبات، حتى في ما يرتبط بتعقيدات الداخل الإسرائيلي.

أشار ترامب إلى أن الحرب في قطاع غزة على وشك الانتهاء، معرباً عن تفاؤله بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح. وتتقاطع هذه الإشارات مع تقارير إعلامية تؤكد أن الولايات المتحدة تعمل على بلورة صفقة شاملة تشمل تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، مع التركيز على أن الخيار العسكري استنفد نفسه، وحان وقت الانتقال إلى الحل السياسي.

بدأ الجيش الإسرائيلي يرسل إشارات واضحة بأن المهمة العسكرية في غزة أوشكت على الانتهاء، بل إن رئيس الأركان، إيال زامير، قال علناً إن «الجيش على بعد أيام فقط من إعلان إتمام أهداف عملية مركبات جدعون».

يعتقد ترامب بأن مواصلة محاكمة نتنياهو أصبحت وسيلة ضغط يمارسها خصومه وحلفاؤه عليه، لكسر صورته أو دفعه إلى التمسك بالمعادلات الحالية. ويعني ذلك أن إنهاء المحاكمة يمثل مدخلاً رئيسياً لإنهاء الضغوط على نتنياهو.

يبدو أن ترامب قد استقر على اعتبار نتنياهو الشخصية الإسرائيلية الأكثر ملاءمة للمرحلة المقبلة، لأن تغيير الحكومة في إسرائيل قد يؤدي إلى تعقيدات، ما يعني أن الدعم الأميركي لـ«بيبي» استراتيجي ويهدف إلى ضمان استمرارية المشروع الأميركي في المنطقة.

في المقابل، تستمر إسرائيل في قتل الفلسطينيين في قطاع غزة يومياً، بينما تبقى الولايات المتحدة بعيدة عن استخدام أدوات ضغط حقيقية.

ربما تكون زيارة وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون دريمر، إلى واشنطن، مؤشراً مهماً إلى الخطوات المقبلة، إذ تبدو الزيارة أقرب إلى استدعاء أميركي مباشر لإرسال رسائل واضحة حول ملف الحرب في غزة.

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

مشاركة المقال: