تشهد الثروة الحيوانية في ريف دمشق تراجعًا ملحوظًا في أعدادها، وذلك نتيجة لعدة عوامل متداخلة، منها شح الأمطار، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، وارتفاع درجات الحرارة الذي أدى إلى جفاف الينابيع والأنهار التي كانت تُعتبر مصادر رئيسية لري المراعي وتغذية المواشي.
أفاد محمد عبد الغني، وهو راعي أغنام من قرية هريرة التابعة لمدينة الزبداني، بأن المراعي في المنطقة أصبحت غير صالحة للرعي بسبب قلة الأمطار وعدم إنبات معظم المساحات الخضراء. وأضاف أنه يضطر إلى زيادة كمية العلف لتعويض النقص في المراعي خلال فصل الصيف، مما يزيد من خسائره، خاصة وأن الرعي في الصيف يمثل المكسب الرئيسي الذي ينتظره طوال العام.
وفي الزبداني، وصف علي عبد الرزاق، وهو مربي أبقار، سوق الأبقار بأنه "ميت" بسبب عزوف الناس عن شراء الأبقار ومنتجاتها، مثل اللحوم التي وصل سعرها إلى حوالي 100 ألف ليرة سورية، والحليب البقري الذي يتم استبداله بالحليب المجفف.
كما اشتكى عبد الرزاق من ارتفاع أسعار العلف "المكبسل"، حيث وصل سعر الطن الواحد إلى ثلاثة ملايين ليرة، بالإضافة إلى غلاء أسعار الأدوية البيطرية. وأكد أن هذه العوامل تشكل عبئًا كبيرًا على المربين، مما يدفعهم في كثير من الأحيان إلى تغيير نشاطهم، لأن تربية المواشي أصبحت "مشروعًا خاسرًا".
تراجع أعداد المواشي
ذكر مدير زراعة دمشق وريفها، زيد أبو عساف، أن محافظة ريف دمشق كانت غنية بأعداد المواشي. ففي إحصائية نشرتها وكالة الأنباء الرسمية (سانا) في نيسان 2022، بلغ إجمالي عدد رؤوس الأبقار في المحافظة حوالي 199 ألف رأس، ونحو 2.238 مليون رأس من الأغنام، و500 ألف رأس من الماعز، و10107 من الجمال التي يوجد معظمها في بادية دوما.
وأوضح أبو عساف أن عدد المواشي في المحافظة حاليًا بلغ 130 ألف رأس من الأبقار ونحو 1.5 مليون رأس من الأغنام، وأرجع سبب هذا التراجع إلى عدة عوامل:
- ارتفاع تكاليف الإنتاج.
- ارتفاع أسعار الأعلاف.
- ارتفاع أسعار المحروقات.
- ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية.
- انخفاض سعر الحليب.
وأضاف أبو عساف أن المديرية اتخذت عددًا من الإجراءات لتدارك هذا الوضع، مثل القيام بحملات التحصين الوقائي المجاني ضد جميع الأمراض على مدار العام، وخاصة حملة تحصين الحمى القلاعية للأبقار التي تعطى مرتين في العام، ولقاح "البروسيلا" عند العجلات بعمر 3-7 أشهر. وبالنسبة للأغنام، يجري العمل على التحصين ضد مرض "الإنتروتوكسيميا" (التسمم الدموي المعوي) على مدار العام، ولقاح "البروسيلا" لـ"الفطايم" (أنثى الخروف الصغيرة) بعمر 3-6 أشهر، وإعطاء لقاح جدري الأغنام.
وأشار إلى أن المديرية تقيم ندوات إرشادية بشكل دائم من قبل شعبة الصحة والإنتاج الحيواني للتعريف بالأمراض، وضرورة اتخاذ إجراءات العزل، وإعلام دائرة الصحة عند حدوث أي اشتباه بحالة مرضية، والعمل على "تقديم الخدمات المجانية للإخوة المربين".
كما تقوم مديرية الزراعة بمتابعة الواقع الصحي للماشية، وتقديم الخدمات عن طريق المراكز البيطرية الموجودة ضمن الدوائر الفرعية، وتقديم المساعدة لأي دائرة وإرسال الكادر الطبي مع الوحدات البيطرية المتنقلة لتخديم المربين.
وتعمل المديرية على تأمين أعلاف رخيصة الثمن للمربين وتشجيعهم على معاودة العمل، عبر تشجيع الفلاحين على زراعة المحاصيل العلفية، وتقديم التسهيلات لإدراجها ضمن الخطط الزراعية.
وتقوم مديرية زراعة دمشق وريفها بالتنسيق مع المنظمات الدولية عند رغبتها في تقديم منح خاصة بالثروة الحيوانية أو المشاركة بالحملات التطوعية المنفذة على مستوى مناطق المحافظة.