يشارك خبراء وقادة دوليون في مؤتمر حول تمويل التنمية تستضيفه إسبانيا، بمبادرة من الأمم المتحدة، وذلك في ظل تداعيات الأزمات العالمية والتخفيضات الكبيرة في الموازنة من قبل الولايات المتحدة، التي أعلنت عدم مشاركتها في الاجتماع.
من المتوقع أن يحضر ما لا يقل عن 50 رئيس دولة وحكومة إلى إشبيلية في جنوب إسبانيا، للمشاركة في مؤتمر «التمويل من أجل التنمية» الذي يستمر أربعة أيام. كما سيحضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، بالإضافة إلى أربعة آلاف ممثل عن المجتمع المدني.
يهدف المؤتمر، في نسخته الرابعة، إلى إيجاد حلول للدول النامية التي تواجه، وفقاً للأمم المتحدة، «فجوة تمويلية تقدر بنحو 4 تريليونات دولار سنوياً» لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
من بين القادة المتوقع حضورهم إلى عاصمة إقليم الأندلس، التي تشهد موجة حر شديد، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي، والرئيس الكولومبي غوستافو بيترو. في المقابل، ألغى رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا مشاركته لأسباب سياسية محلية.
لن ترسل الولايات المتحدة أي ممثل عنها، وكانت قد قررت في منتصف يونيو (حزيران) مغادرة طاولة المفاوضات بسبب خلاف بشأن النص المقدم للوفود، والذي قالت إنه يتعدى على «سيادتها».
ينظم هذا اللقاء في ظل ظروف صعبة تواجهها المساعدات التنموية، عقب اقتطاعات كبيرة أقرتها الولايات المتحدة بعد عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، والذي ألغى 83 في المائة من تمويل البرامج الخارجية التي تقدمها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID).
مع مساعدات بلغت 63 مليار دولار في عام 2024، كانت الولايات المتحدة أكبر دولة مانحة لكثير من الوكالات والمنظمات غير الحكومية، التي تواجه حالياً صعوبات كبيرة، خصوصاً أن دولاً أخرى مثل فرنسا والمملكة المتحدة خفضت مساعداتها أيضاً.
قالت منظمة «أوكسفام» يوم الجمعة، إن «حكومات الدول الغنية تجري أكبر تخفيضات في مساعدات التنمية منذ عام 1960»، معربة عن قلقها من رؤية دول الجنوب «تنحرف بشكل مأسوي» عن «مسارها» التنموي.
بالنسبة إلى هذه الدول، فإن الوضع يعد أكثر حساسية نظراً إلى ارتفاع الدين العام منذ أزمة «كوفيد-19». ووفقاً للأمم المتحدة، تضاعفت ديون أقل الدول نمواً 3 مرات خلال 15 عاماً. ويعيش 3.3 مليار شخص في دول تنفق على سداد ديونها أكثر مما تنفق على الصحة أو التعليم.
يرى غوتيريش أنه: «يجب علينا مواجهة الحقيقة: كثير من الالتزامات لم يتم الوفاء بها» بينما «يواجه العالم صدمات زلزالية تجعل حل التحديات المالية أكثر صعوبة»، وذلك في إشارة إلى النزاعات الدولية الكثيرة.
وأضاف: «في هذا السياق المضطرب، لا يمكننا أن نسمح لطموحاتنا بالتلاشي».
يدعو «التزام إشبيلية» الذي سيعتمد بشكل رسمي خلال المؤتمر، إلى مراجعة البنية المالية الدولية، خصوصاً من خلال منح مزيد من المساحة لدول الجنوب في المؤسسات الكبرى، والمطالبة بتعاون أفضل ضد التهرب الضريبي.
سيشكل هذا النص المكون من 38 صفحة، والذي سيستكمل بإعلانات أحادية الجانب في إطار «منهاج عمل إشبيلية»، نموذجاً لتمويل التنمية على مدى السنوات العشر المقبلة. ورغم طابعه السياسي، فإنه غير ملزم قانوناً.
يشكل ذلك مصدر استياء للمنظمات غير الحكومية التي تشعر أصلاً بالانزعاج مما تعده غياباً للتضامن من جانب أغنى الدول. وأعربت ماريانا باولي، رئيسة قسم المناصرة في منظمة «كريستيان إيد»، عن أسفها قائلة: «يواصل الشمال العالمي عرقلة الإصلاحات، هذه ليست قيادة؛ بل إنكاراً».