الثلاثاء, 1 يوليو 2025 08:09 PM

تصاعد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية: تهويد متزايد واعتداءات يومية على الفلسطينيين

تصاعد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية: تهويد متزايد واعتداءات يومية على الفلسطينيين

أحمد العبد: يوماً بعد آخر، يتعاظم نفوذ المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، كقوة إحلالية تهدف إلى نهب الأراضي الفلسطينية والقضاء على أي مقاومة لمشروع دولة «يهودا» الموعودة. يشن المستوطنون يومياً عشرات الهجمات على القرى والبلدات الفلسطينية، ويسرقون الأراضي لإقامة بؤر استيطانية، ويجرفون الطرق، ويغلقون مداخل القرى، ويحرقون المنازل والأراضي والممتلكات، ويقتلون الفلسطينيين دون محاسبة، كما حدث مؤخراً في قرية كفر مالك بمشاركة جيش الاحتلال.

مع تصاعد المشاريع الاستيطانية في الضفة، لا يمر يوم دون اتخاذ خطوات جديدة لتهويد المنطقة وفرض السيادة عليها، ويتجلى ذلك في سلسلة قرارات وقوانين ورزم دعم ومشاريع تستهدف إنشاء بنية تحتية، وتنفيذ مشاريع إسكان وترفيه، وضم الأراضي.

في هذا السياق، بدأ جيش الاحتلال، للمرة الأولى منذ الانتفاضة الثانية، دراسة إمكانية العودة إلى «إقامة وجود يهودي دائم» في قبر يوسف الواقع في قلب مدينة نابلس، بعد الانسحاب منه عام 2000. ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، تعمل قيادة المنطقة الوسطى على إعداد خطة رسمية حول الإمكانية العملية لهذه الخطوة، والتي من المتوقع تقديمها خلال الأسابيع المقبلة. كان هذا الملف مطروحاً على الطاولة لاتخاذ القرار فيه، لكن تم تأجيله بعد اندلاع المواجهة مع إيران.

من المتوقع أن تحظى هذه الخطوة بدعم سياسي وجماهيري، حيث سيعقد اليوم مؤتمر موسع بمشاركة وزراء وأعضاء «كنيست» وشخصيات عامة وعائلات قتلى من المستوطنين والجنود، بهدف ممارسة ضغط إضافي على المستويين السياسي والعسكري لدفع خطة العودة إلى الموقع المذكور قدماً. وأكدت المصادر أن هذه القضية ذات أبعاد أمنية وسياسية، كونها تعني تغييراً للوضع القائم منذ أكثر من عقدين، ويشدد قادة المستوطنين على ضرورة الإسراع في تنفيذ الخطة خشية حل «الكنيست» والتوجه إلى انتخابات مبكرة قد تعطل مشروعهم.

اعتبر عضو «الكنيست»، تسفي سوكوت، أنه «لا يمكن لدولة إسرائيل أن تنتهك اتفاقاتها وتُهمل موقعاً بهذه الأهمية. يجب أن يعود قبر يوسف إلى السيطرة الإسرائيلية الدائمة، كجزء من مسؤوليتنا في يهودا والسامرة». وفي الاتجاه نفسه، شدد رئيس مجلس المستوطنات، يوسي دغان، على أنه «بعد السابع من أكتوبر، بات واضحاً أنّ الهروب من الإرهاب يعني ملاحقته لنا. علينا استعادة السيطرة على قبر يوسف لتحقيق الأمن في نابلس وفي إسرائيل كلها». كما دعا الحاخام دودو بن ناتان، رئيس أحد المعاهد الدينية في «ريحاليم»، والذي قتل ابنه في الحرب الأخيرة في جنوب لبنان، إلى العودة الكاملة إلى الموقع، معتبراً ذلك بمثابة تصحيح لـ«ظلم تاريخي».

إذا تحققت هذه الخطوة، فإنها لن تكون معزولة عن سياقات ومشاريع أخرى، بل ستشكل لبنة الأساس لرزمة مشاريع، من بينها إقامة مدرسة دينية، وبالتالي معسكر أساسي لجيش الاحتلال، وربما التوسع لإقامة مستوطنة في قلب مدينة نابلس، وهو ما ينسجم مع توجه حكومة العدو ومصادقتها على إقامة مستوطنة تتضمن مطاراً على جبل عيبال.

تترافق المخططات الاستيطانية مع سلسلة اعتداءات يومية على الفلسطينيين، لدفعهم إلى الرحيل عن أراضيهم وقراهم، وبالتالي إتاحة المجال أمام مزيد من التغول الاستيطاني. وعلى هذه القاعدة، هاجم عشرات المستوطنين، صباح أمس، قرية المغير، فيما شرعت جرافات الاحتلال في هدم مساكن ومنشآت زراعية في خربة الطويل التابعة لأراضي عقربا جنوب نابلس.

كذلك، قام مستوطنون بإغلاق الطريق الواصل بين القرية وقرية المجدل بني فاضل التي باتت مستهدفة بمشاريع استيطانية، في حين اقتلع مستوطنون مسلحون أكثر من 150 شتلة زيتون في منطقة إغزيوة قرب سوسيا في مسافر يطا جنوب الخليل، وذلك تحت حماية جنود الاحتلال. كما نفذوا أعمال حفر في أراضي المواطنين في خربة إخلال العدرة، شرق واد الجوايا في مسافر يطا، لتوسيع مستوطنة مجاورة، فيما أعلنت سلطات العدو المنطقة «عسكرية مغلقة»، ومنعت المواطنين من الدخول إلى أراضيهم لمدة 24 ساعة.

كذلك، أصيب، صباح أمس، الشاب رجائي ناطور الديك من بلدة كفر الديك غرب سلفيت، بعدما تعرض إلى الدهس من قِبَل مستوطن قرب مستوطنة «بركان» المقامة على أراضي الفلسطينيين في محافظة سلفيت، بينما هاجم مستوطنون قرية شلال العوجا شمال مدينة أريحا، واعتدوا على الأهالي وحاولوا تخويفهم.

هذا الاستقواء الذي يشعر به المستوطنون، بات يتسبب، في الآونة الأخيرة، في صدام بينهم وبين جيش الاحتلال، وفق ما ظهر أثناء هجوم عشرات منهم، مساء الأحد، على القوات الإسرائيلية والشرطة أمام مقر قيادة «لواء بنيامين»، وسط الضفة، احتجاجاً على إصابة فتى مستوطن (14 عاماً) برصاصة يُعتقد أن الجيش أطلقها. ويأتي ذلك فيما يرصد مراقبون إسرائيليون تحوّلاً في إرهاب المستوطنين تجاه عمل أكثر تنظيماً، من مظاهره إلقاء الحجارة على عناصر الأمن، والبصق على رجال الشرطة، ومهاجمة المركبات العسكرية باستخدام غاز الفلفل، ومحاولة اقتحام القواعد العسكرية.

وكشفت صحيفة «هآرتس» العبرية أنّ مستوطنين أقدموا، ليل أمس، على إحراق موقع أمني لجيش الاحتلال في مستوطنة «بيت إيل» قرب رام الله، كان يُستخدم للمساعدة في «إحباط العمليات الفلسطينية». وبحسب التقديرات العبرية، فقد بلغت القيمة المقدّرة للأضرار الفورية التي لحقت بالمنشأة، نحو 3.5 ملايين شيكل. وأفادت مصادر عبرية بأنه لم يجرِ اعتقال أيّ مستوطن عقب ذلك، لكن جهاز «الشاباك» بات يشارك الآن بشكل مباشر في التحقيق، مضيفة أنّ «الجيش يواجه الآن مستوطنين معتدين يهاجمون جنوده أيضاً بعدما اكتسبوا الشجاعة، ولم يَعُد يردعهم شيء».

إلى ذلك، صعّدت سلطات الاحتلال، أمس، انتهاكاتها بحق المسجد الأقصى، عبر السماح بإقامة حفل زفاف لمستوطنين داخل باحاته، في خطوة وُصفت بأنها «استفزازية ومهينة»، وتمثّل فصلاً جديداً في مسلسل التهويد المتواصل للمكان المقدس. وقالت محافظة القدس إنّ ما جرى اليوم من تحويل «الأقصى» إلى ما يشبه قاعة احتفالات علنية للمستعمرين، يشكّل «انتهاكاً صارخاً لقدسية المسجد، واستفزازاً خطيراً لمشاعر المسلمين، ومحاولة متعمّدة لفرض واقع جديد يطمس الهوية الإسلامية للمكان، ويمهّد لتقسيمه زمانياً ومكانياً».

وأَظهرت مقاطع مصوّرة تداولها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعة من المستوطنين وهم يحتفلون داخل إحدى باحات المسجد، وسط حماية مشدّدة من شرطة الاحتلال التي منعت أيّ تدخّل فلسطيني لمنع الانتهاك.

أخبار سوريا الوطن

مشاركة المقال: