يكتب طلال أبوغزاله من واقع خبرة طويلة، مؤكداً أن الاستقرار لا يأتي صدفة، وأن السماء لا تمطر ذهباً أو فضة، بل يجب السعي والأخذ بالأسباب والتوكل على الله. يرى أبوغزاله أن المسألة ليست فقط في الفكرة أو الشغف، بل في العمود الفقري لأي مؤسسة وهو الأمان المالي، الذي يعتبر أداة للاستمرار في وجه الظروف المتغيرة وحفظ الكرامة المهنية في الأزمات.
لهذا السبب، اتخذت مجموعة طلال أبو غزاله العالمية قراراً بعدم ترك أمر السيولة للظروف، بل صممت فلسفة واضحة قائمة على الاستعداد المسبق. المجموعة لم تنتظر وقوع الأزمات كي تتعلم، بل تعلمت من كل تجربة وصنعت نظاماً يحمي المؤسسة وموظفيها. هذه الفلسفة جاءت بعد أزمات صعبة مثل أزمة احتلال الكويت عام 1990، والانهيار المالي في لبنان 2019، ثم جائحة كورونا 2020، وفي كل مرة كانت المجموعة تخرج أقوى لأن السيولة كانت موجودة وتدار بحكمة.
السيولة ليست أرقاماً على الورق، بل حياة مستمرة، لذا ربطت المجموعة عملياتها المالية حول العالم بمركز رئيسي واحد في عمان تحت إشراف مباشر، حيث تدير أكثر من مئة مكتب حول العالم سيولتها من نقطة واحدة من خلال البنك المركزي الأردني، مما يسمح بالرقابة والسرعة والدقة. ومن هذا النظام، يضخ سنوياً أكثر من مئة مليون دولار إلى الاقتصاد الأردني من القطاع الخاص، وهذا دعم حقيقي نابع من الثقة بالمؤسسة وبالأردن.
وراء هذا النظام إدارة يومية لحركة نقدية تتجاوز نصف مليون دولار، ورواتب تصرف شهرياً بأكثر من خمسة ملايين دولار للمكاتب العالمية، وأكثر من مليون دينار لموظفي المجموعة في الأردن. ورغم حجم العمل، تحرص المجموعة على ألا يضيع يوم واحد دون إنتاج، لأن كلفة اليوم غير المنتج تصل إلى مئة وستين ألف دولار. المسألة ليست فقط مالية، بل مبدئية، حيث لا تترك المجموعة فرعاً يتأخر ولا موظفاً بلا دعم، لأن في كل تأخير خسارة للثقة قبل أن تكون خسارة للمال.
إدراكاً لحقيقة أن المؤسسة ليست بمنأى عن مصير الإنسان، فإن من أسباب احتفاظ المجموعة بالسيولة هو ضمان استمرارها في حال غياب صاحبها أو وفاته، خلال فترة حصر الإرث التي قد تعيق القرارات الإدارية أو المالية. السيولة المتوفرة والمدارة مسبقاً تضمن استمرار العمل بلا ارتباك، فلا أحد يتوقف ولا موظف يتأخر راتبه ولا فرع يتأخر عن التزامه.
نموذج مجموعة طلال أبو غزاله العالمية في إدارة السيولة ليس رفاهية بل ضرورة لكل مؤسسة تحلم أن تكون عالمية، وهو جزء من صورة الأردن الذي نريده قطاعاً خاصاً يتحمل مسؤوليته ويسهم في التقدم بشرف. وختاماً، ينصح أبوغزاله بعدم انتظار السقوط حتى نتعلم، بل النظر حولنا والتعلم من صمود الآخرين، لأن السيولة إن لم تدار بعقل تحولت إلى عبء، لكن حين تدار بحكمة تصبح ضمانة واستمرارية وسبباً في صناعة التاريخ.
ومن باب العرفان بالجميل، قرر أبوغزاله تقديم هدية رمزية لأبنائه وبناته في المؤسسة، وعددهم ألف وخمسمئة موظف وموظفة، وهي مئة دينار لكل منهم، تقديراً لوفائهم والتزامهم وإصرارهم على النجاح الجماعي للمجموعة.