في باحة مستشفى «الشفاء» بغزة، تتراكم جثامين الشهداء بينما يودع المئات أحباءهم. المشهد يعكس جانباً من القتل الجماعي، لكن داخل المستشفى تدور مأساة أخرى، حيث يفترش المصابون الأرض بلا رعاية.
يقول مجاهد عمر، وهو مصاب ينتظر المساعدة: «نموت 100 مرة في اليوم. لا يوجد علاج ولا مسكنات». ويضيف أنه ينتظر دوره للحصول على صورة لتحديد عمق الإصابة، لكن لا أحد يهتم.
بالقرب من خيمة الاستقبال والطوارئ، يعاني مرضى الفشل الكلوي بعد إعلان المستشفى وقف العمل بسبب نقص الوقود. الحاجة أم حامد، مريضة فشل كلوي مزمن، تقول إن حياتهم مرتبطة بجلسة غسيل الكلى الأسبوعية، والتي تقلصت ثم توقفت تماماً، ما يعني حكماً بالإعدام على المئات.
أخرج الاحتلال 3 مستشفيات في شمال القطاع عن الخدمة، ما زاد الضغط على «المعمداني» و«الشفاء».
مدير مستشفى «الشفاء»، محمد أبو سلمية، يشير إلى أن القطاع الطبي يعاني من أزمات حادة، أبرزها نقص الوقود الذي يكفي بالكاد لتشغيل المستشفى لساعات. تم إيقاف قسم غسيل الكلى، وهناك أكثر من 350 مريضاً يواجهون خطر الموت. يتم تخصيص الوقود لتشغيل العناية المركزة والعمليات الجراحية. هناك نقص كبير في الأدوية والمستهلكات الطبية ووحدات الدم.
ويضيف أبو سلمية أن الغارات الجوية كثفت، ولا يمكن لأي منظومة صحية التعامل مع هذا الكم الهائل من المصابين. المستشفى يعمل بـ 25% من طاقته، ويتم وضع مريضين على سرير واحد، والبقية على الأرض. إذا لم يصل الوقود، سيتم إغلاق أقسام حيوية أخرى، ما يعني الموت المحقق لمرضى وعشرات الجرحى و15 طفلاً من الخدج.
في المستشفى «الأهلي المعمداني»، يتكرر مشهد الجرحى الممددين على الأرض. المناطق الشرقية لمدينة غزة تشهد تصاعداً في المجازر الجماعية، وتحول المستشفى إلى محطة وداع.
يقول مصدر طبي إن الأطباء يضطرون للمفاضلة بين الحالات السيئة والأقل سوءاً، ويحكمون بالموت على أشخاص كان يمكن إنقاذهم لو توافرت الإمكانيات.
المستشفى يتعرض لضغط مهول، ويتعامل مع المئات من الحالات الصعبة يومياً. المعدل اليومي للشهداء في شمال غزة 50، والجرحى يتجاوزون المئات ولا يحصلون على الرعاية الكاملة.
منذ بدأت عملية «مركبات جدعون»، أخرج جيش الاحتلال عن الخدمة ثلاث مستشفيات رئيسة في محافظة شمال القطاع، هي «العودة» و«الإندونيسي» و«كمال عدوان»، ما زاد الضغط على «الأهلي المعمداني» و«الشفاء». لم تسمح سلطات الاحتلال بدخول الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات منذ 40 يوماً.