السبت, 5 يوليو 2025 01:03 AM

رفع العقوبات عن سوريا: فرص وتحديات للاقتصاد اللبناني

رفع العقوبات عن سوريا: فرص وتحديات للاقتصاد اللبناني

ترى سلوى بعلبكي أن الاقتصادين اللبناني والسوري لم يشهدَا تاريخياً تكاملاً حقيقياً يعزز النمو المتبادل ويؤسس لاستراتيجية اقتصادية شاملة، على الرغم من الروابط الجغرافية والتاريخية التي تجمع البلدين.

العقوبات الدولية التي فُرضت على سوريا في العقدين الأخيرين، والعزلة السياسية والمالية الغربية، أخرجت سوريا من السوق الإقليمية والدولية، مما جعل القطاع الخاص السوري يعتمد بشكل كبير على الأسواق اللبنانية.

مع رفع العقوبات الأمريكية، تتجدد آمال القطاعات والمؤسسات الإنتاجية السورية في العودة إلى الأسواق الدولية، بعد تأثير قانون قيصر. هذه العودة قد تحمل تداعيات إيجابية وسلبية على الاقتصاد اللبناني.

تشير التقديرات إلى أن إعادة إعمار سوريا تتطلب حوالي 400 مليار دولار، مما قد يتيح للبنان، من خلال قطاعه العقاري، فرصة للمساهمة في إعادة البناء. كما يمكن للمؤسسات المالية والمصرفية والتأمين، والتكنولوجيا، وصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية، وغيرها من مشاريع البنية التحتية والاتصالات، أن تجد فرصاً واعدة.

من المسلمات الاقتصادية أن لسوريا تأثيراً على الاقتصاد اللبناني، خاصة فيما يتعلق بعبور المنتجات والصادرات اللبنانية براً نحو العمق العربي والخليج، حيث تعتبر سوريا المعبر البري الوحيد للبنان. حركة الاستيراد والتصدير عبر سوريا إلى الخليج العربي قد تكون من بين أكبر المستفيدين، خاصة الصادرات الزراعية والغذائية والمواد الخام.

يؤكد الدكتور أيمن عمر، الباحث في الشأنين الاقتصادي والسياسي، أن التبادل التجاري بين البلدين شهد تطوراً كبيراً، حيث ارتفعت قيمة الصادرات اللبنانية إلى سوريا من 70 مليون دولار عام 2004 إلى 210 ملايين عام 2008، ووصلت إلى 220.7 مليوناً قبل الأزمة السورية عام 2010. وفي عام 2018، قبل تطبيق العقوبات على سوريا، بلغت قيمة الصادرات 205 ملايين دولار، ثم انخفضت إلى 190 مليوناً مع إقرار قانون قيصر في عام 2019، لتصل إلى 69 مليون دولار عام 2024، أي بنسبة انخفاض 63%.

قبل إقرار قانون قيصر عام 2018، بلغت الصادرات اللبنانية إلى دول الخليج العربي والعراق والأردن حوالي 1.151 مليون دولار من إجمالي الصادرات البالغ 2.952 مليون دولار، بينما بلغت عام 2024 حوالي 944 مليون دولار من إجمالي الصادرات البالغ 2.707 مليون دولار.

قبل العقوبات عام 2018، كانت قيمة الصادرات إلى سوريا ودول الخليج العربي والعراق والأردن مجتمعة تبلغ 1.356 مليون دولار بنسبة 46% من الرقم الإجمالي، وفي عام 2024 بلغت 1.013 مليون دولار بنسبة 37.4% منها. ويرى عمر أن رفع العقوبات سينشط حركة التجارة الخارجية، لكن الحجم المتوقع يعتمد على الاتفاقات الجديدة بين لبنان وهذه الدول، وخاصة سوريا بعد قيام نظام جديد، وعلى جهود لبنان لبناء مرتكزات دولة جديدة.

من التداعيات الإيجابية المتوقعة، حسب رأي عمر، إمكانية توفير الطاقة اللازمة لزيادة ساعات التغذية في التيار الكهربائي عبر خط الغاز العربي، لتزويد محطة دير عمار بالغاز المصري عبر الأردن وسوريا ولبنان.

واجه المشروع عراقيل بسبب العقوبات الأمريكية على سوريا، ولم ينفذ فعلياً حتى الآن رغم توقيعه. يهدف المشروع إلى تشغيل محطة دير عمار لتوليد نحو 450 ميغاواط، أي حوالي ثلث حاجة لبنان الفعلية من الكهرباء (1200-1500 ميغاواط).

قد يسهل قرار رفع العقوبات أيضاً انخراط لبنان في مشاريع طاقة إقليمية، واستجرار الغاز والكهرباء عبر سوريا من قطر مثلاً، لتخفيف الضغط عن شبكة الطاقة اللبنانية وتقليل الاعتماد على المحروقات.

إلا أن لرفع العقوبات أيضاً تداعيات سلبية على الاقتصاد اللبناني، وفقاً لعمر، منها انطلاق ورشة الإعمار في سوريا وجذب اليد العاملة السورية في لبنان، مما قد يؤدي إلى نقص في اليد العاملة في قطاعات مثل الزراعة والبناء والمطاعم، وزيادة تكلفة التشغيل في لبنان. وفي حال ازدياد استيراد المنتجات السورية الأرخص، فقد يتسبب ذلك بمنافسة غير متكافئة ويؤثر على الميزان التجاري لمصلحة سوريا بسبب ازدياد الاستيراد على حساب التصدير.

أخبار سوريا الوطن-النهار

مشاركة المقال: