الإثنين, 7 يوليو 2025 12:37 AM

كوباني: بعد 11 عاماً.. مصير مئات المختطفين على يد داعش لا يزال مجهولاً

كوباني: بعد 11 عاماً.. مصير مئات المختطفين على يد داعش لا يزال مجهولاً

فتاح عيسى – كوباني

أحيت رابطة “مشته نور” لذوي المختطفين لدى “داعش” في مدينة كوباني، يوم السبت، ذكرى مرور أحد عشر عاماً على اختفاء ذويهم في مدينتي كوباني ومنبج على يد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وفقاً لتوثيق لجان ومنظمات حقوقية، اختطف تنظيم “داعش” خلال عامي 2013 و2014 أكثر من 550 شخصاً من كوباني وريفها شمالي سوريا. وبعد مرور نحو ست سنوات على دحر التنظيم المتطرف من آخر معاقله في الباغوز بريف دير الزور، شرقي سوريا، لا يزال مصيرهم مجهولاً.

“كانوا أطفالاً عندما اختُطف والدهم..”

تستعيد جليلة علي، من سكان كوباني، بصوت يعتريه وجع الفقد وأمل لم يخفت، تفاصيل اختطاف شقيقيها الاثنين على يد تنظيم “داعش”. وتقول بحرقة: “كانوا أطفالاً عندما اختُطف والدهم، والآن يدرسون في الجامعة وما زالوا ينتظرون خبراً عنهم”، مشيرة إلى أبناء شقيقها المهندس أحمد مشو علي، الذي اختُطف عام 2013، وإلى أبناء شقيقها الأصغر إدريس.

وتضيف جليلة علي لنورث برس أن شقيقها المهندس أحمد مشو علي من مواليد 1969 اختطف في المنطقة الواقعة بين الرقة وتل أبيض عام 2013، بينما اختطف شقيقها الأصغر ادريس مشو علي من مواليد 1980، من منزله في مدينة الرقة في الساعة العاشرة ليلاً عام 2013.

وبحسب مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، نفذ تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) عملية اختطاف في شباط / فبراير عام 2014 استهدفت 160 مدنياً من كوباني كانوا متوجهين إلى معبر سيمالكا الحدودي مع كردستان العراق، لكن التنظيم اختطفهم بالقرب من قرية عالية القريبة من تل تمر شمال غربي مدينة الحسكة.

وفي الخامس عشر من أيلول/ سبتمبر 2014، شن التنظيم هجوماً واسعاً على مدينة كوباني، واستخدم فيها كل ما أوتي من قوة للسيطرة على المدينة وريفها.

وتشدد “علي” على الحكومة الجديدة في دمشق بـ “الاهتمام بهذا الموضوع الإنساني، لأن ذوي المختطفين ما زالوا على أمل اللقاء بهم”، مطالبة بالعمل على كشف مصير هؤلاء الأشخاص سواء أكانوا أحياء أو أموات. وتشير إلى أنهم على علم بأن هناك سجوناً كثيرة لدى “داعش” ما زال فيها سجناء، معربة عن أملها في عودة هؤلاء المفقودين إلى ذويهم.

وتبين جليلة علي أن عائلتهم تضررت بشكل كبير، وتذكر أن والدتها ماتت مفجوعة باختطاف شقيقيها، وأن أطفالهم ما زالوا يبكون على مصير آبائهم، وهم عانوا كثيراً وهم يكبرون بدون أب.

12 معلماً.. لا يزال مصيرهم مجهولاً

من جهته، يقول بكري علي وهو شقيق مختطف لدى “داعش”، إن شقيقه عصمت علي، مدير مدرسة ابتدائية في كوباني، اختطف رفقة 11 معلماً عند مفرق جسر قره قوزاق في السابع من أيار/ مايو عام 2014، أثناء ذهابهم إلى مدينة حلب لاستلام رواتبهم.

ويضيف “علي” لنورث برس أنه تم نقل المختطفين أولاً إلى مدينة منبج، ثم جرى تحويلهم إلى منطقة تقع بين منبج والباب، مشيراً إلى أن بعض السجناء الذين أُفرج عنهم لاحقًا أبلغوهم بهذه المعلومات. ويتابع: أن المختطفين نُقلوا بعد ذلك إلى سجن داخل مدرسة في قرية “دبسي عفنان”، وأن أحد المفرج عنهم من أبناء المكوّن العربي أفاد بأن جميع المعلمين كانوا لا يزالون على قيد الحياة داخل السجن.

ويوضح بكري علي أنه حتى عام 2017 كان شقيقه حياً، وبعد أن “حررت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مدينتي الطبقة والرقة، انقطعت أخبارهم. ويطالب ذوو المختطفين الإدارة الذاتية والحكومة الجديدة في دمشق بالعمل لكشف مصير هؤلاء الأشخاص سواء أكانوا أحياء أو أموات.

580 مختطفاً من كوباني لدى “داعش”

يقول محمود زيتو، الإداري في رابطة مشته نور لذوي المختطفين لدى “داعش” في كوباني ومنبج، إن الرابطة وثقت أسماء 580 مختطفاً لدى “داعش” من أهالي كوباني ممن كانوا يسكنون في مدن كوباني ومنبج والرقة.

تأسست رابطة مشته نور عام 2019، كلجنة من قبل ذوي المعتقلين والمختطفين، ثم حصلت على رخصة من قبل الإدارة الذاتية وعملت كرابطة “مشته نور” لذوي المختطفين في كوباني ومنبج.

ويضيف “زيتو” وهو أيضاً شقيق أحد المختطفين، أن هدف الرابطة من تنظيم فعالية استذكار مرور أحد عشر عاماً على اختطاف أقربائهم لدى “داعش”، هو أن يبقى ذوي المختطفين على تواصل معهم من أجل مشاركتهم بآخر المعلومات المتعلقة بمصير هؤلاء المختطفين.

ويذكر زيتو أن أغلب المختطفين تم اختطافهم بشكل مجموعات، منهم من تم اختطافهم من سيارات الأجرة التي كانت من المقرر الذهاب إلى العراق، وتم اختطافهم في منطقة “المبروكات- المبروكة”، حيث تم اختطاف 12 سيارة أجرة (سرفيس) فيها 147 شخصاً. ويشير إلى أنه تم اختطاف مجموعة من المعلمين والمدرسين على طريق حلب، وكذلك هناك 72 شخصاً تم اعتقالهم من منازلهم في مدينة منبج، إضافة إلى أشخاص تم اعتقالهم بشكل فردي من على الدراجات النارية أو على الطرق وهناك كان من يرعى أغنامه تم اختطافه.

ويوضح الإداري في المنظمة الحقوقية أن كل هؤلاء الأشخاص الذين تم توثيق اختطافهم هم من المدنيين ولا يوجد بينهم عسكريون أو مشاركون في الحرب.

ويذكر الإداري أنه حتى الآن لم يصلوا إلى أي معلومة مؤكدة حول مقتل هؤلاء المختطفين من قبل “داعش”، ولذلك فإن أملهم وشعار رابطتهم هو أنهم يبحثون عن “إبرة في كومة قش”، ولكنه يعتقد بنسبة ثمانين في المائة أن هؤلاء المختطفين ما زالوا أحياء.

ويقول زيتو إنهم على تواصل مع المنظمات الدولية المعنية بهذا الموضوع، مشيراً إلى أن منظمة العفو الدولية مثلاً قامت بنشر أسماء 13 مختطفاً لدى “داعش”، ثم نشرت 17 أسماً آخراً من المختطفين لدى “داعش”، معتبراً ذلك جزءاً من جهود الرابطة لتوثيق سجلات المختطفين، مضيفاً أنهم على تواصل مع منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من أجل مساعدتهم في كشف مصير المختطفين.

وفي نهاية حزيران/ يونيو 2023، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن تبنيها لمشروع قرار بإنشاء مؤسسة للكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرياً في سوريا.

وبحسب تقديرات مختلفة للأمم المتحدة، فإن عدد المفقودين في سوريا منذ عام 2011 وحده يبلغ حوالي 100 ألف شخص، لكن هناك مفقودين قبل هذا التاريخ، ويعتقد أن الأرقام الفعلية أعلى من ذلك.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: