الجمعة, 11 يوليو 2025 04:00 PM

قسد أمام فرصة الاندماج في سوريا الجديدة: هل تضيعها؟

قسد أمام فرصة الاندماج في سوريا الجديدة: هل تضيعها؟

بقلم: محمد بسام غنيمة

صحفي وناشط إعلامي سوري

دمشق – 9 تموز 2025

يبدو أن بعض الأطراف الفاعلة في المشهد السوري لا تزال أسيرة تصورات قديمة، رغم التحولات الإقليمية والدولية. ففي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو مستقبل سوريا بعد الأسد، وإمكانية تشكيل دولة موحدة وحكومة جامعة، تجد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) نفسها أمام منعطف حاسم.

لطالما سعت قسد إلى الاعتراف بها، واليوم، تُعرض عليها فرصة ذهبية للاندماج الكامل في الدولة السورية الجديدة. لكن، وكما يبدو، فإنها تتردد في اغتنام هذه الفرصة، وكأنها ترفض الدعوة لمجرد أنها جاءت من دمشق.

منذ تحرير دمشق وسقوط نظام الأسد، أطلق الرئيس السوري أحمد الشرع مبادرات شاملة، وصفها المبعوث الأميركي توماس بارّاك بأنها "الأكثر انفتاحًا منذ عقد ونصف". شملت هذه المبادرات عفوًا عامًا، وإعادة توزيع الثروات، وتمثيلًا سياسيًا لجميع الأطياف، وحتى إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية لتشمل جميع التشكيلات.

ومع ذلك، تصر "قسد" على المراوغة ورفض كل الدعوات، فتارةً تدعي أنها "تدرس المقترحات"، وتارةً أخرى "تشترط ضمانات إضافية"، وتارةً "لا ترى الجو مناسبًا". لا ندري ما الذي تنتظره قسد، هل هو اجتماع الكواكب، أم انتهاء الموسم السياحي في الحسكة، لكي تبدأ التفكير في مصلحة الوطن.

الحكومة الجديدة في دمشق، بلسان الأخ الأكبر، تؤكد أن الوقت ليس للعناد، وأنها لا تطلب الولاء، بل تطلب فقط أن يكون الجميع داخل المركب قبل فوات الأوان. وبلغة أوضح، لا يمكن بناء دولة من وراء الخريطة، ولا تحت مظلة الوهم. ورغم وضوح الرسالة، يبدو أن قسد ما زالت تظن أنها تعيش في "سوريا أخرى"، وأن رسالة دمشق موجهة عبر تطبيق "زووم"، وليس إلى الوقائع على الأرض.

المفارقة أن "قسد" تطالب اليوم بنفس المطالب التي تضمنتها المبادرة الرئاسية الأخيرة، لكنها ترفضها فقط لأنها جاءت من دمشق! وكأن الاعتراف لا يُعتد به إلا إذا جاء من واشنطن مباشرةً مع شهادة تصديق من الأمم المتحدة وهدية رمزية من الناتو.

في المقابل، القيادة في دمشق تبدو وكأنها تقول: "تريدون دولة؟ ها هي. تريدون نفطًا؟ لدينا فائض، تريدون شراكة؟ تفضلوا. تريدون المريخ؟ سنبحث الأمر!"… لكن "قسد" لا تزال في مقاعد الانتظار، تشرب الشاي وتفكر: "هل نذهب… أم ننتظر عرضًا أفضل من جزر القمر؟"

ختامًا… نصيحة من القلب (والعقل) إلى إخوتنا في قسد: الدولة لا تُبنى بالأحلام الثورية المؤجلة، ولا بالإصرار على الهوامش. من لا يشارك في صناعة الحاضر، سيُفرض عليه مستقبل لا يريده. والوقت ليس في صالح أحد.

كفى تمسّكًا بلغة "الخصوصية العرقية"، وكأنها حجة لرفض العيش المشترك. لقد دُعيتم إلى الطاولة، ولم يُطلب منكم سوى الجلوس. أما إذا كنتم تفضلون البقاء في الزاوية، فالتاريخ – كما تعرفون – لا ينتظر أحدًا… ولا يعيد نفس العرض مرتين.

مشاركة المقال: