بينما كانت الاشتباكات تعصف في السويداء بين قوات وزارتي الدفاع والداخلية وفصائل محلية، التقى وزيرا الخارجية السوري أسعد الشيباني والإسرائيلي يسرائيل كاتس في اجتماع الاتحاد من أجل المتوسط في بروكسل يوم الثلاثاء.
يثير هذا التطور تساؤلات حول العلاقة بين المفاوضات مع إسرائيل والأحداث الميدانية، وما إذا كان تحرك الجيش السوري مرتبطًا بموافقة إسرائيلية ضمنية على بسط سيطرة النظام الجديد في دمشق على السويداء.
من شبه المؤكد أن إسرائيل ترغب في اتفاق مع سوريا يتجاوز الجوانب الأمنية التي تطالب بها دمشق، وتسعى لإضفاء بعد سياسي على أي اتفاق. هذا يفسر ترحيب كاتس بحضور الشيباني في بروكسل.
الجمعة الماضية، أوضح الشيباني أن التفاوض السوري-الإسرائيلي، الذي تتوسط فيه الولايات المتحدة، يركز حاليًا على كيفية العودة إلى خط "فك الاشتباك" لعام 1974، الذي توسط فيه وزير الخارجية الأميركي الراحل هنري كيسنجر في عهد حافظ الأسد.
على الرغم من المفاوضات بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين، استمرت إسرائيل في عمليات التوغل في الجنوب السوري، مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من بعض النقاط التي احتلها بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
تهدف دمشق من خلال التفاوض مع إسرائيل إلى كسب ود الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بهدف رفع العقوبات كاملة عنها، مع التأكيد على أن لديها وإسرائيل عدوًا مشتركًا هو إيران.
في هذا السياق، تفجر الوضع في السويداء. فهل حصلت دمشق على ضوء أخضر إسرائيلي وأميركي لبسط سيطرة النظام الجديد على المحافظة ذات الغالبية الدرزية، دون تقديم تنازلات تتعلق بخصوصية المنطقة؟
يبدو أن النظام الجديد في سوريا يعتقد أنه ببدء المفاوضات مع إسرائيل، قدم تنازلاً كبيرًا يجب أن يكافأ عليه بعدم ممانعة تل أبيب وواشنطن في تعزيز سيطرته المركزية على كل الأراضي السورية، وخاصة شمال شرق سوريا حيث الغالبية الكردية، وفي السويداء، وفي منطقة الساحل حيث الغالبية العلوية.
من الواضح أن أحداث السويداء أربكت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المنشغل في حرب غزة، والغارات على لبنان، ومحاولات تفادي سقوط ائتلافه الحكومي بعد انسحاب حزب “يهودوت هاتوراه” بسبب قانون تجنيد الشبان الحريديم.
كما وضعت الأحداث نتنياهو أمام اختبار الوفاء بوعوده للطائفة الدرزية في إسرائيل بتوفير "الحماية" لدروز سوريا، وعدم تركهم يواجهون مصير سكان الساحل السوري.
كيف يمكن لنتنياهو الموازنة بين المفاوضات، التي توفر له مكسبًا استراتيجيًا في الشرق الأوسط، وعدم الظهور بمظهر غير مكترث بما يجري في السويداء؟ من المؤكد أن دخول قوات وزارة الدفاع والداخلية إلى محافظة السويداء تحت غطاء فض الاشتباكات بين البدو وفصائل درزية، قد أخذ في الحسبان أن تدخل إسرائيل سيكون محدودًا أو من قبيل رفع العتب.
يرى الرئيس السوري أحمد الشرع أن هذه فرصته التي يجب أن يغتنمها للدخول إلى السويداء وقطع دابر أي طموح لأي أقلية سورية، دينية أو عرقية، بإمكان الحصول على امتياز على حساب السلطة المركزية.
ومع ذلك، فإن لهيب السويداء يثبت أيضًا أن سوريا لا يزال أمامها شوط طويل قبل أن تنعم بالاستقرار والسلام. وعندما تتدخل إسرائيل، سيزداد الوضع تعقيدًا، ولن تتوانى عن فعل كل شيء لحفظ أمنها ومصالحها فقط، دون بقية دول المنطقة وشعوبها.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار