الأربعاء, 16 يوليو 2025 12:21 PM

في مخيمات الشمال السوري: نازحون يواجهون عزلة مضاعفة بعد عودة جيرانهم إلى ديارهم

في مخيمات الشمال السوري: نازحون يواجهون عزلة مضاعفة بعد عودة جيرانهم إلى ديارهم

على الرغم من انخفاض حدة النزوح في شمال غرب سوريا وعودة العديد من العائلات إلى مناطقها الأصلية في ريف إدلب الجنوبي، لا تزال هناك فئة من النازحين عالقة في المخيمات التي طالها النسيان، حيث يواجهون ظروفًا معيشية صعبة بسبب نقص الخدمات الأساسية، وغياب التواصل الاجتماعي، وعدم القدرة على العودة أو الاستقرار في مكان آمن.

في مخيم صغير بالقرب من بلدة قاح الحدودية، لم تعد الحياة كما كانت قبل عام. تقول غدير محمد، وهي نازحة من بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي وأم لأربعة أطفال: "أصبحت الوحدة والوحشة رفيقتي بعد عودة معظم العائلات إلى بلداتهم. المخيم فارغ، ولم يعد أحد يطرق بابي أو يسأل عني".

تشير غدير إلى أن منزلها في حاس غير صالح للسكن بعد تدميره خلال القصف، مما جعل العودة حلمًا مؤجلًا. ومع رحيل معظم العائلات، توقفت الخدمات التي كانت توفر الحد الأدنى من مقومات الحياة. وتضيف غدير بحزن: "لم يعد هناك بائع خبز يمر، ولا صهريج مياه، حتى الخضار لا تصل، والسوق بعيد عني ولا أستطيع ترك أطفالي بمفردهم".

تحاول غدير اليوم الانتقال إلى مخيم آخر في منطقة كفر لوسين شمالًا، حيث توجد عائلات كثيرة، على أمل أن تجد بعض الأمان الاجتماعي والخدمات المعيشية المفقودة.

نزوح داخل النزوح

تعيش عشرات العائلات في أوضاع مماثلة، في مخيمات أصبحت شبه خالية، تعاني من غياب كامل للخدمات وانعدام الحركة التجارية. يقول أبو وسيم، نازح من بلدة كفرسجنة ويقيم في مخيم بجوار بلدة أطمة: "أصبح المخيم مثل المقبرة، كل الناس عادت أو انتقلت إلى مكان فيه حياة، وأنا ليس لدي أحد أعود إليه ولا بيت آوي إليه".

ويضيف أن ارتفاع تكاليف النقل وبعد المسافة عن السوق يجبره على المشي لساعات لجلب الخبز والماء، وهو أمر شبه مستحيل بالنسبة للمرضى أو كبار السن. ويشير إلى أنه حاول التواصل مع بعض المنظمات لنقل خيمته إلى منطقة مأهولة، "لكن لم يرد أحد، والمنظمات لم تعد تمر على مخيمنا منذ شهور".

غياب الاستجابة وتفاقم العزلة

تدهور الوضع الإنساني في هذه المخيمات، وانقطاع الخدمات وغياب التواصل الاجتماعي ضاعف من معاناة من تبقى من السكان. يقول الناشط الإغاثي خالد الأحمد من إحدى المنظمات المحلية: "مع عودة جزء من النازحين إلى بلداتهم، تم سحب جزء كبير من الدعم المخصص للمخيمات، دون دراسة واقع من تبقى فيها، مما خلق مناطق نزوح معزولة تمامًا".

يطالب الأحمد بإجراء تقييم عاجل لاحتياجات هذه العائلات وتقديم حلول بديلة، "إما بإعادة تفعيل الخدمات الأساسية أو تسهيل نقل هذه العائلات إلى مخيمات مأهولة".

رحلة لم تنتهِ

في ظل غياب الأفق السياسي وغياب الحلول المستدامة، تستمر رحلة النزوح داخل النزوح. "كنت أعتقد أن الانتقال من بيتي إلى المخيم هو النزوح، ولكن يبدو أن الطريق لا يزال طويلاً"، تقول غدير، وهي ترتب بعض الأغراض القليلة استعدادًا لرحلة أخرى لا تعرف نهايتها، سوى أنها مجبرة على خوضها من جديد.

مشاركة المقال: