بينما تستعد فرنسا للاحتفال بعيدها الوطني في 14 تموز (يوليو)، تُعقد غداً الخميس جلسة استئناف جديدة للنظر في قضية المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبد الله، المعتقل منذ عام 1984.
وقد دعت حملة أصدقاء المعتقل اللبناني إلى تنظيم تظاهرة اليوم الأربعاء أمام مقر السفارة الفرنسية في بيروت، للمطالبة بالإفراج عنه.
أي قرار بتأجيل أو رفض الإفراج عن عبد الله، لن يكون مجرد قرار قضائي، بل سيكون بمثابة حكم بالإعدام البطيء. فالرجل الذي قضى 41 عاماً في السجن، ويبلغ من العمر 74 عاماً، يواجه خطر الموت داخل زنزانته، وكل يوم إضافي يقضيه في السجن يعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان.
على مدى أربعة عقود، أصبحت قضية عبد الله ساحة للصراع السياسي. فبعد انتهاء مدة عقوبته القانونية في عام 1999، رفضت فرنسا الإفراج عنه مراراً وتكراراً بحجة «الخطر الأمني». وكشفت وثائق أن هذا الرفض يأتي بتدخلات سياسية، خاصة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
المفارقة أن محكمة فرنسية كانت قد أمرت بالإفراج عنه في عام 2013، لكن وزير الداخلية الفرنسي آنذاك، إيمانويل فالس، امتنع عن توقيع ورقة الترحيل، مما أدى إلى تعطيل التنفيذ على الرغم من صدور القرار القضائي النهائي. وكشفت وثائق ويكليكس عن تورط وزارة الخارجية الأميركية في تعطيل الإفراج.
أمام هذا التعطيل المتعمد، يبرز سؤال ملح: أين الدولة اللبنانية من كل هذا؟ بموجب القانون الدولي، يحق للبنان كدولة ذات سيادة أن يطالب رسمياً بتسليم مواطنه، خاصة أنه لم يعد هناك أي مبرر قانوني لاستمرار احتجازه. ورغم بعض التحركات الخجولة، لم تتحرك وزارة الخارجية اللبنانية بشكل جاد لاستعادة مواطنها، سواء عبر القنوات الدبلوماسية المباشرة أو عبر الضغط السياسي في المحافل الدولية.
هذا الصمت الرسمي يزيد من معاناة الأسير وعائلته، ويفتح الباب أمام استمرار التعسف الفرنسي.
تأتي جلسة 17 تموز في ظل تحولات جيوسياسية عميقة، بينما تواجه فرنسا إدانة دولية متزايدة لدورها الداعم للإبادة الجماعية في غزة. إلا أن التاريخ القضائي للقضية يشير إلى أن المحكمة قد تعيد سيناريو «التأجيل» أو «الرفض» المعتاد، تحت وطأة نفس الضغوط الإمبريالية التي حولت ملف عبد الله إلى رهينة سياسية.
هذه الممارسات لا تختلف في جوهرها عن سياسات الاحتلال الصهيوني في اعتقاله التعسفي للأسرى الفلسطينيين، حيث يحول السجون إلى مقابر للأحياء.
فكما أدى الاستمرار في اعتقال الأسير وليد دقة رغم مرضه إلى استشهاده، وكما استشهد 70 أسيراً فلسطينياً منذ بداية الإبادة الجماعية في غزة، فإن استمرار احتجاز جورج عبد الله بعد 41 عاماً هو جزء من المنظومة الاستعمارية نفسها التي تنزع الصفة الإنسانية عن شعوبنا، وتنكر حقنا الأساسي في الحرية والكرامة.
* وقفة اليوم (الخامسة عصراً) أمام السفارة الفرنسية في بيروت
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار