في الوقت الذي تغرق فيه وسائل الإعلام العبرية بسيل من الأخبار المضللة حول قرب استئناف تدفق المساعدات إلى قطاع غزة، على خلفية اتفاق وقعه الاتحاد الأوروبي مع دولة الاحتلال، كحل لتجنب إلغاء بعض الاتفاقيات التجارية ومنع تصدير شحنات الأسلحة، يتدهور الوضع المعيشي في القطاع بشكل متزايد. يمنع جيش العدو منذ أربعة أشهر إدخال المساعدات بشكل منتظم يضمن وصولها وتوزيعها على النازحين والجوعى في شمال غزة وجنوبها.
بدلاً من الآلية التي ترعاها وزارة التنمية الاجتماعية وتنفذها مؤسسات الأمم المتحدة وعدد كبير من المؤسسات الدولية، تم استحداث آليتين لتوزيع المساعدات. الأولى هي "مصائد الموت الأميركية" التي تسببت بمقتل أكثر من 700 جائع في غضون شهر ونصف الشهر، والثانية هي التوزيع التلقائي، أي أن يتم إبلاغ المواطنين بشكل غير رسمي بموعد دخول الشاحنات، ثم يتم السماح بسرقتها ومهاجمتها، مع استهداف أي كيان عشائري أو أمني أو شعبي يحاول تأمينها.
كلتا الآليتين تحققان مبدأ الاستعراض والادعاء وتذر الرماد في العيون، حيث تزعم إسرائيل أنها تسمح بدخول شاحنات المساعدات إلى القطاع، بينما تمنع توزيعها ضمن أي بروتوكول منظم يحقق مبدأ العدالة ويحفظ كرامة الأهالي. في العادة، تنتهي تلك المساعدات إلى البيع على أيدي اللصوص وعصابات السرقة العشوائية في الأسواق، بـ 100 ضعف سعرها الأصلي.
فيما بدا أنه اختراق لواقع الجوع الآخذ في التمدد والتفشي، ضخ الإعلام العبري على مدار الأسبوع الماضي مئات الأخبار التي تحدثت عن اتفاق إدخال المساعدات.
وبحسب المتحدث باسم البعثة الدولية للاتحاد الأوروبي في فلسطين، شادي عثمان، فإن «إسرائيل تعهدت بتحسينات كبيرة على الوضع الإنساني في القطاع. وتشمل تلك التحسينات زيادة كبيرة في عدد الشاحنات الدولية اليومية المحملة بالمواد الغذائية وغير الغذائية، وفتح عدة معابر أخرى في كل من المنطقتين الشمالية والجنوبية، وإعادة فتح مسارات المساعدات المصرية والأردنية، بالإضافة إلى تمكين توزيع المساعدات عبر المخابز والمطابخ العامة في جميع أنحاء القطاع، مع استئناف تسليم الوقود لاستخدامه من قبل المرافق الإنسانية، وصولاً إلى المستوى التشغيلي».
ويضمن الاتفاق أيضاً، بحسب عثمان، «حماية عمال الإغاثة وإصلاح البنية التحتية والحيوية واستئناف إمدادات الكهرباء إلى محطة تحلية المياه في وسط القطاع». غير أن تلك الوعود، وفق ما يؤكده المتحدث، «لا تزال وعوداً ولم تتحول إلى واقع».
لا يزال الاحتلال يفرض قيوداً مشددة على دخول آلاف الشاحنات المتوقفة على المعابر.
إذ تواصل الصحف الإسرائيلية ضخ المزيد من الأخبار عن الانفراجة القادمة، أكدت مؤسسات المجتمع المدني في القطاع أن التصريحات الأوروبية والإسرائيلية حول إدخال المساعدات مضللة وغير مطابقة للواقع، وأن التصريحات التي تنفي الأزمة تحاول التستر على واقع المجاعة القاسي في غزة.
وفي السياق، قال رئيس «الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني»، صلاح عبد العاطي، إن «الحديث عن إدخال المساعدات غير دقيق، إذ لا تزال سلطات الاحتلال تفرض قيوداً مشددة على دخول آلاف الشاحنات المتوقفة على المعابر، والتي لا يسمح لها بالدخول». وأكد رئيس «الهيئة العليا لشؤون العشائر»، أبو سلمان المغني، بدوره، أن «المزاعم الإسرائيلية في شأن وصول المساعدات إلى غزة هي محض أكاذيب وافتراءات.
جميع المؤسسات الدولية التي نلتقي بها من الأوتشا والغذاء العالمي وغيرها تتحدث عن عراقيل ورفض إسرائيلي لإدخال المساعدات، كما أن الاحتلال يرفض بشكل قاطع عمل وكالة الغوث في غزة، ويصر على استبدال دورها بالشركة الأميركية سيئة الصيت». ووصف الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي بأنه «فقاعة إعلامية للتغطية على جريمة التجويع والإبادة المستمرة بحق قطاع غزة».
على الأرض، يعزز الاحتلال من إجراءات خنق السكان وعقابهم، والمس الحاد بشرايين الحياة المتبقية كافة، إذ ينتهج سياسة التنقيط في إدخال الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات الحكومية؛ وهو سمح، الأسبوع الماضي، بإدخال 15 ألف لتر من الوقود، أتاحت تشغيل مستشفيات مدينة غزة لثلاثة أيام فقط. وأعلن مدير مستشفى «الشفاء»، محمد أبو سلمية، توقف الخدمة العامة عن العمل تماماً، وقرب توقف مستشفيَي «الشفاء» و«الحلو للأطفال» عن العمل في وقت قريب.
كذلك، تعطلت كافة سيارات جهاز الدفاع المدني؛ وأكد العقيد رائد الدهشان أن مركبات الجهاز تآكلت وخرجت عن الخدمة، فيما يمنع الاحتلال إدخال الوقود وقطع الغيار اللازمة لإعادة تأهيلها، ما يضع مليوني إنسان من المعرضين لخطر الاستهداف في أي لحظة، أمام مصير مجهول.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار