رولا عيسى: لطالما كان فصل الصيف في سوريا موسماً لتحضير "المؤونة" الشتوية، وهو تقليد اجتماعي واقتصادي متجذر. لكن هذا العام، ومع ارتفاع الأسعار، أصبح هذا التقليد مكلفاً للغاية.
في أسواق دمشق مثل باب سريجة والشيال وساروجة، وصلت أسعار الخضار الأساسية للمؤونة إلى مستويات غير مسبوقة. فقد بلغ سعر كيلو البامية الطازجة 35 ألف ليرة سورية، بينما تجاوز سعر كيلو الملوخية اليابسة 60 ألف ليرة، وارتفع سعر الثوم إلى 25 ألف ليرة للكيلو.
أبو مصطفى، بائع خضار في سوق باب الجابية، يعزو ارتفاع الأسعار إلى العرض والطلب، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الزراعة والنقل، وغلاء المحروقات والأسمدة.
الخبيرة التنموية ميرنا السفكون تشير إلى أن تذبذب سعر صرف الليرة السورية، وارتفاع أسعار المحروقات، وتقلص المساحات المزروعة، كلها عوامل ساهمت في ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي، وتحويل المؤونة من وسيلة لتوفير الغذاء إلى رفاهية.
أم فادي، ربة منزل من حي الزاهرة، تقول إنها اضطرت لتقليل كمية المؤونة التي تحضرها بشكل كبير بسبب الأسعار. وخالد شاهر، موظف، يصف الأسعار بأنها "ضرب من الجنون".
إيهاب الدرويش، بائع خضار في سوق الزبلطاني، يوضح أن الأسعار ارتفعت بنسبة 70 بالمئة عن العام الماضي، وأن الناس أصبحوا يتفرجون أكثر مما يشترون.
طقوس المؤونة التي كانت تجمع العائلة أصبحت نادرة، وتحولت المؤونة إلى كميات رمزية أو تم الاستغناء عنها كلياً، خاصة لدى الأسر محدودة الدخل. ليلى سفر، أم لثلاثة أطفال، تقول إن ما وفرته من راتبها لا يكفي لشراء عشرة كيلوغرامات من البامية.
اختصاصية التغذية نهال منصور تحذر من انعكاسات غياب المؤونة على النمط الغذائي للأسر السورية، حيث قد يؤدي إلى الاعتماد على المواد المعلبة أو النشويات بشكل مفرط.
مزارعون في ريف دمشق يشيرون إلى أن ارتفاع التكاليف الزراعية هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع الأسعار. أبو أحمد شاغوري يوضح أن المازوت غير مدعوم، والأسمدة بأسعار خيالية، وأجور اليد العاملة ارتفعت بشكل كبير.
لم يعد الحديث عن المؤونة مقتصراً على تحضيرها، بل أصبح شكوى اجتماعية جديدة.
أخبار سوريا الوطن - الثورة