الخميس, 17 يوليو 2025 07:39 PM

انسحاب كامل للقوات السورية من السويداء وتكليف فصائل درزية بالأمن وسط اتهامات لإسرائيل بتفكيك سوريا

انسحاب كامل للقوات السورية من السويداء وتكليف فصائل درزية بالأمن وسط اتهامات لإسرائيل بتفكيك سوريا

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وشهود عيان لوكالة الأنباء الفرنسية بأن السلطات السورية سحبت قواتها بالكامل من محافظة السويداء جنوب سوريا. تزامن ذلك مع إعلان رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع تكليف "فصائل درزية" بمسؤولية الأمن، وتنديده بالتدخل الإسرائيلي.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن "السلطات السورية سحبت قواتها العسكرية من مدينة السويداء وكافة أنحاء المحافظة". ونقلت الوكالة الفرنسية عن مقاتلين حكوميين على أطراف المحافظة أن "القوات الحكومية أنهت انسحابها فجراً".

وأفاد رئيس تحرير شبكة (السويداء 24) ريان معروف، بُعيد جولة في مدينة السويداء، بأنها "بدت خالية من القوات الحكومية، لكن الوضع كارثي مع وجود جثث في الشوارع".

وكان الشرع قد أعلن في كلمة مسجلة للسوريين، فجر الخميس، تكليف "فصائل محليّة" ورجال دين دروز "مسؤولية حفظ الأمن في السويداء"، موضحاً أن "هذا القرار نابع من إدراكنا العميق بخطورة الموقف على وحدتنا الوطنية وتجنّب انزلاق البلاد إلى حرب واسعة جديدة".

وأضاف أن "تدخلاً فعّالاً لوساطة أمريكية وعربية وتركية، أنقذ المنطقة من مصير مجهول"، مشيراً إلى أن إسرائيل تسعى لتحويل سوريا إلى "ساحة فوضى غير منتهية عبر تفكيك وحدة الشعب السوري… وتمزيقه".

وقال الشرع إنَّ السوريين لا يخشون الحرب، وأنّ الموقف كان بين خيارين، إما "مواجهة مفتوحة مع إسرائيل على حساب أمن الدروز… وإما فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل".

وبينما شدّد الشرع على أنّ الدولة غلّبت مصلحة السوريين في تجنب الدمار، قال إنّها نجحت بإعادة الاستقرار و"طرد الفصائل الخارجة عن القانون في السويداء، رغم التدخلات الإسرائيلية".

وفي أول تصريح نقله التلفزيون لرئيس المرحلة الانتقالية بعد الغارات الجوية الإسرائيلية القوية على دمشق يوم الأربعاء، تعهد الشرع بحماية المواطنين الدروز معتبراً حقوقهم من الأولويات. وأكد الشرع اتخاذ إجراءات لمحاسبة كل من أساء للدروز، ورفض أي مسعى يهدف لجرّهم إلى "طرف خارجي أو إحداث انقسام" داخل الصف السوري.

وقال أسامة البالغ 32 عاماً لوكالة الأنباء الفرنسية، متحفّظا عن كشف هويته خشية على سلامته؛ "أنا في قلب مدينة السويداء، لكنّني لا أفكر بالخروج، ولا إمكان للهروب أساساً بسبب الخشية من أيّ عملية تصفية".

وشاهد مراسل الوكالة الفرنسية داخل المدينة نحو ثلاثين جثة، يعود بعضها لعناصر من السلطة وأخرى لمقاتلين بلباس مدني مع جعب عسكرية فيما كان الدخان يتصاعد من بعض أحياء المدينة على وقع دوي القصف المتقطع.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، مقتل أكثر من 350 شخصاً خلال 90 ساعة من الاشتباكات في السويداء منذ صباح الأحد، بينما أعلنت دمشق بدء انسحاب قواتها من المحافظة إثر دعوة أمريكية بهذا المعنى وغارات إسرائيلية عنيفة.

وأحصى المرصد مقتل 79 مقاتلاً درزياً و55 مدنياً، مقابل 189 قتيلاً من القوات الحكومية إضافة إلى 18 مسلحاً من البدو في أعمال عنف طائفية، ومقتل 15 عنصراً من القوات الحكومية جراء الغارات الإسرائيلية. وقال المرصد إنه وثّق مقتل 27 شخصاً، بينهم 4 نساء ورجل مسن، في إعدامات ميدانية على "يد عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية".

وجاء إعلان دمشق بدء انسحاب قواتها من المحافظة بعدما أشارت وزارة الداخلية مساء الأربعاء إلى التوصّل لاتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء، يضمّ 14 بنداً، ينصّ أبرزها على إيقاف كل العمليات العسكرية بشكل فوري وتشكيل لجنة مراقبة من الدولة السورية وشيوخ دروز للإشراف على عملية التنفيذ.

وأعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو التوصّل إلى توافق على "خطوات محدّدة من شأنها أن تضع حدّاً الليلة للوضع المضطرب والمرعب"، متوقعاً أن "يفي جميع الأطراف بالتزاماتهم".

الأربعاء، شن الجيش الإسرائيلي هجماتٍ جوية على مقر رئاسة الأركان في دمشق وعلى ما وصفه بـ"هدف عسكري" في محيط القصر الرئاسي، فيما أفادت السلطات السورية بسقوط ثلاثة قتلى. وقال مصدر عسكري في وزارة الداخلية السورية لفرانس برس إنّ القصف طال "محيط مطار المزة حيث توجد بعض مستودعات الذخيرة".

بدوره أصدر قائد أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زمير تعليمات تقضي بـ"تعزيز إضافي لقدرات الاستخبارات والضربات بغية رفع وتيرة الهجمات في سوريا في حال الضرورة". وقال زمير: "لن نسمح لجنوب سوريا بأن يتحول إلى بؤرة إرهاب، لن نعتمد على أي طرف آخر، بل سندافع بأنفسنا عن المجتمعات المحاذية للحدود".

وتقول إسرائيل إنها تريد "حماية" الدروز، مشددة على أنها لن تسمح بوجود عسكري في جنوب سوريا قرب حدودها.

وأثارت الضربات الإسرائيلية استياءً واسعاً إذ حث الاتحادُ الأوروبي إسرائيلَ على ضرورة وقف ضرباتها فوراً في سوريا، فيما أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون عن أمله بـ"تهدئة حقيقية" في محافظة السويداء، داعياً إسرائيل إلى "الوقف الفوري لجميع الانتهاكات لسيادة سوريا وسلامة أراضيها، والامتناع عن أي إجراءات أحادية الجانب تؤدي لتفاقم الصراع".

كما نددت طهران بما وصفته "العدوان السافر" للجيش الإسرائيلي على الأراضي السورية. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد حثت القوات الحكومية السورية على مغادرة منطقة النزاع في جنوب سوريا "لخفض التوترات". وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تامي بروس في تصريح لصحفيين "ندعو الحكومة السورية، في الواقع، إلى سحب قواتها العسكرية لتمكين جميع الأطراف من احتواء التصعيد وإيجاد سبيل للمضي قدماً".

واندلعت اشتباكات عنيفة في حي المقوس شرقي السويداء الذي تقطنه عائلات بدوية، بعد هجوم نفّذه مسلحون دروز لتحرير نحو 10 أشخاص احتجزهم عناصر من البدو صباح الأحد الماضي، ردّاً على احتجاز مسلحين دروز لأشخاص من البدو على خلفية اعتداءٍ تعرّض له سائق شاحنة درزي في ريف دمشق، وفقاً للتقارير.

ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية الاثنين تدخلها في المحافظة لفض الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، فقد تدخلت مجموعات من هذه القوات إلى جانب البدو، مما أدى لاتساع دائرة الاشتباكات ووقوع مئات القتلى والجرحى. (BBC)

مشاركة المقال: