أفاد شهود محليون من أبناء البدو في السويداء بارتكاب مجموعات مسلحة انتهاكات، بما في ذلك عمليات قتل وتهجير، ضد المدنيين من عشائرهم في عدد من قرى المحافظة. يأتي ذلك في أعقاب انسحاب قوات وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية، والذي شهد وقوع انتهاكات وثقتها شبكة "الراصد" الناشطة في السويداء، من بينها اقتحام منازل وإطلاق نار ومقتل مدنيين. وفي المقابل، أصدرت وزارة الدفاع تعميمًا على جميع الوحدات العسكرية بضرورة منع التجاوزات.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن "مجموعات خارجة عن القانون" اعتدت على حي المقوس وارتكبت "مجازر وانتهاكات بحق المدنيين". ونقلت "سانا" عن مصادر محلية أن هذه المجموعات هاجمت الحي وارتكبت مجازر بحق النساء والأطفال، ونفذت تصفيات ميدانية وانتهاكات بحق أبناء المنطقة من العشائر والبدو، مشيرة إلى مقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين. وأضافت الوكالة، نقلًا عن مصادرها، أنه تم تسجيل حركة نزوح وتهجير قسري لعشائر البدو في ريف السويداء، وسط تهديدات من قبل مجموعات خارجة عن القانون باستهدافهم.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور وفيديوهات، لم تتأكد عنب بلدي من صحتها عبر جهة مستقلة، تظهر عوائل بينهم أطفال ونساء من البدو، في العراء خارج قرى السويداء. وتواصلت عنب بلدي مع مدنيين من أبناء المنطقة، حيث أفاد بدر البكار، وهو أحد أقارب أشخاص محاصرين في قرى السويداء، أن "مجموعات مسلحة من الدروز" اقتحمت قرى شهبا وريمة اللحف وبريكة، وداهمت المنازل وأحرقتها. وأوضح بدر البكار أن من استطاع الهرب من سكان هذه القرى اتجه غربًا نحو محافظة درعا، قبل وصول المجموعات، لكنهم تركوا في العراء دون حافلات تنقلهم، مما يعرضهم لخطر الوقوع في أيدي المجموعات المسلحة.
واطلعت عنب بلدي على تسجيلات صوتية قصيرة متداولة على مجموعات محلية بين سكان قرى البدو في السويداء، لم تتأكد منها عبر طرف مستقل، حول تحذيرات من انتهاكات ترتكبها الفصائل المحلية في السويداء. وقال أنور العبدالله، أحد الأشخاص المطاردين في قرى السويداء، إن "مجموعة مسلحة من الدروز" قدمت إلى قريتهم بريكة وأخبرتهم أن يرحلوا من بيوتهم، وبعد فرارهم أطلق مسلحون عليهم الرصاص، مما أدى إلى مقتل ما يقارب 20 شخصًا بينهم نساء. وأشار العبدالله، الذي تحدث من منطقة قرب بلدة عريقة في السويداء، إلى أنه يحاول الوصول إلى محافظة درعا، معربًا عن مخاوفه من محاصرتهم وقتلهم في أثناء توجههم إلى درعا، مطالبًا الحكومة بترحيلهم على الفور وضمان أمنهم.
وقال صبحي البداح، أحد أبناء حي المقوس في محافظة السويداء، إنه عقب انسحاب الجيش وقوى الأمن السورية، بدأت عملية تهجير قسري لأبناء العشائر من الأحياء والقرى، مضيفًا: "من يقع بأيدي الميليشيات يقتل، كما تحرق هذه المجموعات المنازل وتسرق كل ما تجده فيها". وتابع البداح أن بعض الأحياء التي يقيم فيها أبناء العشائر محاصرة، فيما نزح من استطاع منهم الخروج لريف درعا الشرقي "دون وجود أي مأوى".
وكان التوتر في المحافظة قد اندلع بخطف متبادل بين عشائر على تخوم السويداء وفصائل محلية، تطور إلى اشتباكات مسلحة، تدخلت بعدها قوات وزارة الدفاع والداخلية. ووثّقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" مقتل ما لا يقل عن 169 سوريًا، بينهم خمسة أطفال وست سيدات، وإصابة ما يزيد على 200 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، في محافظة السويداء، منذ 13 من تموز الحالي. وذكرت "الشبكة" أن هذا التصعيد يأتي في سياق اشتباكات عنيفة وأعمال عنف متصاعدة، تشمل عمليات قتل خارج إطار القانون، وقصفًا متبادلًا، إلى جانب هجمات جوية تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي. ويأتي انسحاب قوات وزارة الدفاع السورية بعد تدخل إسرائيلي بقصف مواقع وآليات للجيش وقوات الأمن في السويداء ودرعا، ومبنى وزارة الدفاع ومحيط قصري تشرين والشعب في العاصمة دمشق. وكانت حكومة دمشق قد توصلت إلى اتفاق مع وجهاء وقادة محليين بينهم زعماء روحيون في مشيخة العقل، أكثر من مرة، ورفضه الزعيم الروحي، حكمت الهجري. وفجر اليوم الخميس، أعلن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، عن تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في محافظة السويداء، بعد انسحاب الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي في المحافظة.