يشهد جنوب سوريا، وتحديداً محافظة السويداء، تصعيداً مستمراً منذ الثالث عشر من تموز/يوليو، حيث تدور اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة محلية تابعة لحكمت الهجري ومقاتلي العشائر. وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن سقوط مئات القتلى والجرحى، وسط صمت رسمي وقلق دولي متزايد.
أفادت مصادر محلية لمنصة سوريا 24 بأن الاشتباكات لا تزال مستمرة على تخوم المدينة بين مقاتلي العشائر ومسلحي الهجري. وجاء انخراط قوات العشائر في هذا الصراع على خلفية ما وصف بانتهاكات كبيرة بحق سكان البدو في السويداء، والتي تمثلت، وفقاً لمصادر محلية، في القتل والحرق والتمثيل بالجثث. في المقابل، اكتفت دمشق الرسمية بقرار سحب القوات الحكومية.
ذكر ناشطون محليون في السويداء أن المدنيين يتعرضون لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك حرق المنازل والعبث بالممتلكات الخاصة. وأشارت وسائل إعلام إلى أن الجانب الإسرائيلي لا يمانع انتشار قوات الأمن السورية في قلب مدينة السويداء خلال الساعات القليلة القادمة.
أسفر التصعيد الأمني في السويداء عن مقتل وجرح المئات، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 321 شخصًا خلال الأيام الماضية، بينهم 6 أطفال و9 سيدات، إحداهن توفيت نتيجة أزمة قلبية بعد تلقيها نبأ مقتل حفيدها. كما سُجّلت أكثر من 436 إصابة، شملت مدنيين، وطواقم طبية، ومقاتلين محليين، وعناصر أمنية، في ظل تدهور حاد في الوضع الإنساني.
من جهته، صرح المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، بأن الاعتماد على فكرة الحماية الدولية في السويداء أو توقع تدخل قوات تابعة للأمم المتحدة أو غيرها أمر غير واقعي، مؤكدًا ضرورة احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها. وأضاف: "أدنت مرارًا الضربات والتدخلات الإسرائيلية، ويجب أن تتوقف فورًا".
فرنسا تدعو إلى وقف النار ومحاسبة المسؤولين
أعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن قلقها العميق إزاء الانتهاكات في السويداء، ودعت إلى الالتزام الفوري بوقف إطلاق النار. كما شددت في بيان رسمي على ضرورة تحديد المسؤولين عن هذه الانتهاكات وإحالتهم إلى القضاء، مشيرة إلى أهمية استئناف الحوار بين الحكومة السورية والمسؤولين المحليين في المحافظة. وأكدت باريس حرصها على احترام سيادة سوريا، ودعت إلى استئناف المساعدات الإنسانية وتوفير الخدمات الأساسية للسكان المتضررين. وأعلن الوزير جان نويل بارو أنه أجرى اتصالات مع نظرائه السوري، والإسرائيلي، والأردني، وكذلك مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، لنقل رسائل تدعو إلى التهدئة وتفادي أي إجراءات أحادية قد تفاقم الوضع.
مشيخة العقل في لبنان: أوقفوا العنف وطهروا الصفوف
من جانبها، أصدرت مشيخة عقل الطائفة الدرزية في لبنان بيانًا طالبت فيه بوقف العنف فورًا، داعية الحكومة السورية، ومشايخ العقل في جبل العرب، والفعاليات الدينية والعشائرية إلى تحمّل مسؤولياتهم. وشدد البيان على ضرورة طرد المتطرفين الذين يعملون على تأجيج الأزمة، محذرًا من مخططات مشبوهة تهدد وحدة المنطقة وسلمها الأهلي.
الاحتلال الإسرائيلي ضمن المشهد
وفي سياق متصل، أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت ضربات جوية ضمن الأحداث الأخيرة في السويداء، ما يعقّد المشهد ويزيد من حساسية الأوضاع، فيما لم تغب مسيّرات الكيان الصهيوني عن ساحة المعارك في الجنوب السوري.
في ظل التصعيد المستمر، تتعالى الأصوات المحلية والدولية مطالبةً بتهدئة عاجلة، ومحاسبة عادلة، وحماية للمدنيين، وسط دعوات بضرورة حصر السلاح بيد الدولة السورية.