الأحد, 20 يوليو 2025 06:46 PM

عودة اللاجئين السوريين تنعش سوق الدروس الخصوصية في إدلب: حاجة ماسة لتعويض ضعف اللغة العربية

عودة اللاجئين السوريين تنعش سوق الدروس الخصوصية في إدلب: حاجة ماسة لتعويض ضعف اللغة العربية

إدلب – سماح علوش: لم يكن قرار العودة إلى سوريا قرارًا يسيرًا على خلود عبدو، التي قضت عشر سنوات مع عائلتها في تركيا. إلا أن مستقبل أطفالها الدراسي كان الدافع الأكبر لاتخاذها قرار العودة الطوعية، والشروع في البحث عن معلمين لتدريسهم اللغة العربية وقواعدها.

بعد سقوط النظام السوري السابق في 8 كانون الأول 2024، بدأ ملايين السوريين المهجرين، جراء الحرب التي استمرت 14 عامًا، بالتفكير جديًا في العودة إلى وطنهم. ومع ذلك، تتوقف هذه العودة على عدة عوامل، من بينها مستوى تعليم الأبناء الذين التحقوا بمدارس أجنبية، مما أدى إلى ضعف أو فقدان لغتهم الأم (العربية) لصالح لغات الدول المضيفة.

شهدت عودة اللاجئين السوريين تصاعدًا تدريجيًا مع بدء عملية "ردع العدوان" في 27 تشرين الثاني 2024، خاصة من تركيا، التي كانت المضيف الأكبر للاجئين السوريين. كان يعيش في تركيا حوالي ثلاثة ملايين لاجئ سوري تحت بند "الحماية المؤقتة". ومع انطلاق العملية، بدأ هذا العدد في التناقص تدريجيًا، ليصل إلى حوالي 2.6 مليون، وفقًا لأحدث إحصائيات إدارة الهجرة التركية حتى 10 تموز الحالي.

الدروس الخصوصية.. "حاجة ماسّة"

أوضح رشيد، وهو مدرس لغة عربية في إدلب، لعنب بلدي، أن اللغة العربية، بقواعدها ومفرداتها، تعتبر من أصعب اللغات في العالم، مما يجعل تعليمها للأبناء تحديًا كبيرًا بالنسبة للسوريين المقيمين في دول غير عربية. وبعد تلقيه العديد من الطلبات من معارفه، بدأ رشيد بتقديم دروس للأطفال عبر الإنترنت على مراحل مختلفة، تبدأ بالحروف وأشكالها، ثم ينتقل إلى القواعد والنحو بعد إتقان الكتابة والقراءة، لتسهيل الأمر على الطلاب.

وفقًا للمدرس، انتشرت ثقافة الدروس الإلكترونية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، نظرًا للحاجة "الماسة" إليها من قبل الأهالي المقيمين في أوروبا وتركيا، والذين يرغبون في تعليم أبنائهم اللغة العربية، بسبب التحاقهم بمدارس تعلمهم لغات تلك البلدان. بالتالي، يبحث الأهالي المهتمون والراغبون في العودة إلى سوريا عن متخصصين لتقديم هذه الدروس عبر برامج مثل "جوجل ميت" و"زوم"، لتمكين أبنائهم من إتقان اللغة العربية وتطوير مهاراتهم والتواصل مع أقرانهم في مختلف أنحاء العالم.

صعوبة الاندماج العكسي

عادت خلود مع عائلتها في بداية حزيران الماضي، وبعد البحث والاستفسار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت أن الحل الأمثل هو تسجيل أبنائها في دورة خاصة لدى معلمة متخصصة. ورغم اختلاف أعمارهم، حيث أن الابن الأكبر في الصف السادس، والابنة الوسطى في الصف الرابع، والابنة الصغرى في الصف الثاني، إلا أنهم جميعًا بحاجة لتعلم الأساسيات.

غفران بدوي، أم لأربعة أطفال، ثلاثة منهم في المدرسة، توجهت إلى النوادي الصيفية التي تقام سنويًا في المدارس الخاصة بإدلب، فور عودتها من ألمانيا منذ حوالي شهرين. لكن أطفالها واجهوا صعوبة في التأقلم مع المدرسة والتعلم، مما أدى إلى رد فعل عكسي، وفقًا لتعبيرها، بسبب شعورهم بالنقص مقارنة بأقرانهم الذين عاشوا ودرسوا في سوريا، مما أدى إلى عدم رغبتهم في التعلم والبدء من الصفر.

أكدت دعاء، وهي معلمة صف تعمل في إحدى المدارس الخاصة خلال الصيف، أن النادي الصيفي، بأنشطته التعليمية والترفيهية، لا يكفي لتعليم الأطفال القادمين من دول اللجوء، خاصة وأن معظمهم لا يجيدون القراءة أو الكتابة، مما يشعرهم بالإحباط. وأشارت إلى أهمية دور المدرسة في مساعدتهم على الاندماج والتأقلم مع البيئة الجديدة، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، بالتعاون مع الأهالي، وهو ما يعتبر العامل الأبرز للمضي قدمًا والتعلم.

مصدر رزق للمعلمين

يعمل رشيد بشكل فردي من خلال الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي لجذب المهتمين بتعلم اللغة العربية، لتكون هذه الجلسات مصدر رزق له ولعائلته في ظل تدهور الأوضاع المعيشية في إدلب، وخاصة للمعلمين، بسبب قلة فرص العمل وتدني الأجور مقارنة بغلاء المعيشة. وتختلف أجور الدروس الخصوصية بحسب مستوى الطالب وعدد الجلسات، بالإضافة إلى عدد الطلاب المشاركين في كل جلسة. وبحسب رشيد، فإنه يتقاضى ثلاثة دولارات على الساعة، وقد تزيد أو تنقص بحسب الاتفاق والمطلوب بين الطرفين.

من جانبها، تعمل راما نجيب، معلمة صف تقيم في مدينة إدلب، في إحدى المدارس الإلكترونية بنظام التعلم عن بعد، وتتقاضى 150 دولارًا في الشهر، وتعمل يوميًا ما عدا أيام العطل الرسمية، بمعدل ساعتين، بالإضافة إلى دورات بدوام فيزيائي لتقوية الطلاب في اللغة العربية والحساب. ويختلف الأجر بحسب الحالة، إلا أنه يبلغ وسطيًا 50 دولارًا على كل طالب شهريًا.

مشاركة المقال: