الأحد, 20 يوليو 2025 10:34 PM

المثقف السوري: صوت العقل في مواجهة الأزمات وتحديات بناء الوعي

المثقف السوري: صوت العقل في مواجهة الأزمات وتحديات بناء الوعي

دمشق-سانا: في خضم الصراعات والحروب والأزمات، يتبلور دور المثقف بأبعاد جوهرية. فكما رأى أنطونيو غرامشي، يغدو المثقف هو الأكثر حساسية لآلام الشعب، والأجدر بحمل هذا اللقب. وعلى غرار ما وجده إريك فروم، يصبح المثقف هو الأقدر على فهم جذور الأزمات وتخفيف حدتها. وفي بلد مثل سوريا، التي عانت من ويلات الحروب والأزمات المتتالية، يكتسب دور المثقف السوري أهمية استثنائية، ليتحول من مجرد مراقب للأحداث إلى منارة للعقل ومرساة للوعي. إنه يحمل على عاتقه مسؤولية أساسية تتجاوز حدود الكلمة، لتشمل توعية الناس، وتعزيز الوحدة المجتمعية، والدفاع عن القيم الإنسانية والعدالة، وبناء جسور الحوار وقيادتها.

الانطلاق من الإنسان البسيط لتصحيح الأفكار المنحرفة

المثقف إنسان عاقل، والفتنة كامنة منذ الأزل، هذا ما أكده الأديب الدكتور نزار أباظة في تصريح لـ سانا الثقافية، مشدداً على دور المثقفين في التخفيف من خطابات الكراهية والحد من انتشار الفتنة بين أفراد المجتمع. وأوضح أنه لكبح جماح الفتنة، لا بد من البدء بالإنسان البسيط لتصحيح المفاهيم الخاطئة، وصولاً إلى فئة المثقفين والمصلحين والعقلاء، الذين يسعون إلى التوفيق بين وجهات النظر.

تفعيل سبل التواصل بين المثقفين والرأي العام

ويرى الدكتور أباظة أن كل أزمة تحمل في طياتها أطرافاً شعبوية تسعى إلى إثارة الفتنة بشكل مباشر وبطرق ملتوية للإيقاع بمحيطهم. لذلك، يؤكد على أهمية تفعيل قنوات التواصل بين المثقفين والرأي العام من خلال المثقف المخلص الذي يضطلع بدوره مع زملائه، ويسلط الضوء على بؤر الفتنة عبر الكتابة، وإجراء المقابلات، ونشر مقاطع الفيديو التي تنشر الوعي وتعزز الهوية المتنوعة والجماعية، التي هي بمثابة لوحة فسيفسائية تتشوه عند فقدان أي جزء منها.

من أدوار المثقفين المهمة عدم شيطنة الآخر

من جانبه، اعتبر الباحث السياسي أنس الكردي أن دور المثقف السوري بالغ الأهمية ولا يمكن تجاهله، حيث تقع على عاتقه مسؤولية رفع مستوى وعي الناس من خلال التركيز على القواسم المشتركة الوطنية، ومواجهة كل ما يهدد الوحدة والهوية، وجمع الحقائق وعرضها على الرأي العام، باعتباره صوت الضمير والحكمة في المجتمع. وأضاف الكردي أن من الأدوار الهامة للمثقفين تجنب شيطنة الآخر، وتفكيك الصور النمطية عنه، وشرح وجهات نظره عبر وسائل الإعلام، والتواصل مع الجمعيات والمنظمات المعنية بالعمل المجتمعي، لتوضيح معنى كلمة "سوري" في ذاكرتنا جميعاً، بهدف بناء هوية جامعة.

دور المثقف الاقتراب من الناس والانفتاح عليهم

محمد صوان، الباحث في الدراسات العليا في الأدب العربي، دعا المثقفين إلى التصدي لخطابات الكراهية، والكشف عن خطورة انتشار الفتنة بين أفراد المجتمع، ونشر الوعي والأفكار الإيجابية، خاصة في الفضاءات الرقمية والإعلامية، باستخدام أساليب متنوعة كالمقالات أو الزوايا الإعلامية، واقتراح سبل التقارب مع الناس وكسب ودهم والانفتاح عليهم، بهدف التأثير الإيجابي فيهم. وأكد على ضرورة المشاركة الفعالة في النقاشات التي تدور بين مختلف شرائح المجتمع.

وشدد صوان على أهمية تعزيز الهوية السورية من خلال أعمال أدبية تجسد الهوية الوطنية، مثل المسرحيات والندوات التي تحمل مضموناً جامعاً لا يستثني أحداً، مع فتح قنوات التواصل المباشر مع الجميع، وطرح المشكلات على طاولة النقاش بوضوح.

مشاركة المقال: