في أعقاب ثمانية أيام من العنف والاشتباكات في محافظة السويداء جنوبي سوريا، أوضح ليث البلعوس، قائد "قوات شيخ الكرامة"، موقفه من الأحداث الجارية. وحمّل البلعوس ما أسماه "الطرف الآخر" المسؤولية، مشيرًا بذلك إلى الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري، وعزا ذلك إلى انفراد الأخير بالقرار ورفض الحوار، متهمًا إياه باختيار السلاح وتنفيذ أجندات خارجية، في إشارة إلى إسرائيل.
ليث البلعوس هو نجل مؤسس "حركة رجال الكرامة"، الشيخ وحيد البلعوس، الذي كان له دور في التنسيق بين الحكومة السورية وقيادات ووجهاء في السويداء. إلا أن نشاطه واجه اعتراضًا من أطراف أخرى، أبرزها الفصائل الموالية للشيخ الهجري.
أكد البلعوس أنه تواصل مع كل الأطراف المعنية، من الدولة والعشائر والقوى الوطنية وحتى من "حمل السلاح في لحظة غضب"، مشددًا على مطالبه بدولة قانون ومؤسسات "لا تسحق الكرامة ولا تصمت على فوضى".
وفي تسجيل مصور بثته قناة "الإخبارية" الرسمية، قال البلعوس: "نعرف أن صوتنا قد لا يرضي الجميع وأننا سندفع ثمنًا باهظًا لوقوفنا في المنتصف، نحاول جمع الشظايا وترميم البيت دون أن ننجر إلى الدم أو نخضع إلى الابتزاز أو نساوم على المبدأ، لكننا لم نتراجع حتى حين هددنا ووقفنا صامدين، لا عن ضعف بل عن حكمة".
كما دعا القيادي الدرزي إلى محاسبة مرتكبي الانتهاكات من كل الجهات، مشددًا على أن يأخذ القانون مجراه، ودعا السياسيين إلى فتح أبواب التفاهم ونبذ العنف وحماية المدنيين. وهاجم ما أسماه صمت المجتمع الدولي، معتبرًا تردده في اتخاذ إجراءات فاعلة تشجيعًا ضمنيًا للفوضى والانقسام، داعيًا إياه إلى تحمل مسؤولياته والعمل بما يمليه ميثاق الأمم المتحدة.
من جهة أخرى، نفت "حركة رجال الكرمة" انتماء البلعوس إلى صفوفها، مؤكدة أنه ليس من صفوف الحركة منذ عام 2016 وأن تصريحاته لا تمثلها، ومؤكدة موقفها المناهض للحكومة.
تعد "حركة رجال الكرامة" أبرز الفصائل المحلية في السويداء، والتي أسسها الشيخ وحيد البلعوس عام 2013. ولعبت الحركة دورًا كبيرًا في إخراج السويداء من التوترات الأمنية وحماية الملاحقين من قبل النظام السابق للخدمة الإلزامية، وأمنت انشقاق جنود في جيش النظام السابق. اغتيل الشيخ وحيد في أيلول 2015، وعينت الحركة شقيقه رأفت البلعوس قائدًا جديدًا، ثم الشيخ يحيى الحجار في شباط 2017.
شهدت الحركة انشقاقات أدت إلى ظهور حركة "شيخ الكرامة" بعد خلافات مع الشيخ يحيى الحجار. وشكل ليث وفهد أبناء الشيخ وحيد البلعوس "قوات شيخ الكرامة" بعد انشقاقهما عن الحركة.
تأتي تصريحات ليث البلعوس بعد ثمانية أيام على اندلاع أحداث دامية عقب عمليات خطف متبادل بين عشائر البدو المقيمة في السويداء وفصائل محلية، ما تطور إلى اشتباكات. تدخلت وزارتا الدفاع والداخلية لفض النزاع، وتزامن ذلك مع أنباء عن انتهاكات بحق مدنيين، ما أدى إلى هجوم مضاد من الفصائل. وقصفت إسرائيل النقاط الحكومية الموجودة داخل السويداء وخارجها، ما اضطر الحكومة لعقد اتفاق مع الفصائل وانسحابها من السويداء. أعقب خروج القوات الحكومية انتهاكات بحق المكون البدوي، ما أسفر عن موجة غضب لدى الأوساط العشائرية. وتشهد المدينة هدوءًا حذرًا بعد عقد اتفاقية وقف إطلاق نار، وإخراج عوائل بدوية محتجزة في المدينة.
ووثّقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" مقتل ما لا يقل عن 558 شخصًا وإصابة أكثر من 783 آخرين في محافظة السويداء بين 13 و21 من تموز الحالي.