في أجواء مؤثرة امتزجت فيها دموع الفرح بالحنين، وصلت يوم أمس الثلاثاء إلى بلدة حاس في ريف إدلب أول قافلة عودة طوعية ضمن مبادرة "رجعة عز" التي أطلقتها منظمة بنفسج. حملت القافلة على متنها 105 عائلات كانت تقيم في مخيم حاس – غرب سرمدا، وذلك بعد سنوات من النزوح القسري الذي فرضته ظروف الحرب وغياب الأمن.
أوضح يمن السيد عيسى، مدير قسم الإعلام والتواصل في منظمة بنفسج، أن القافلة انطلقت بأربع حافلات كبيرة مزينة بعبارات الترحيب والأعلام الرمزية، ورافقها أكثر من مئة شاحنة لنقل أثاث العائلات، بالإضافة إلى عشرات المتطوعين من منظمة بنفسج. كما تم تخصيص حقائب ملونة مليئة بالألعاب والهدايا للأطفال العائدين، بهدف التخفيف من صعوبة العودة ورسم البسمة على وجوههم.
إلى جانب الأمتعة، أكد عيسى أن القافلة حملت شتلات زيتون، تم زراعتها فور الوصول في الساحات والمدارس وأمام المنازل، في خطوة رمزية لإعادة إحياء ذاكرة الأرض وتعزيز الشعور بالجذور والانتماء. وأضاف: "بدأنا هذه الخطوة بعد سلسلة طويلة من التحضير والتنسيق مع الأهالي والفعاليات المجتمعية. عملنا على تقييم الخدمات الأساسية في البلدة، وتأكدنا من توفر الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة كالخدمات الصحية والمياه والتعليم. هذه العودة ليست لحظة مؤقتة، بل هي بداية لمسار استقرار نأمل أن يستمر".
وأشار عيسى إلى أن فرق المنظمة ستتابع العائلات العائدة من خلال برامج للدعم النفسي والاجتماعي، وتوفير فرص عمل مؤقتة للأسر الأشد ضعفًا، بالإضافة إلى التعاون مع المجالس المحلية لتحسين البنية التحتية تدريجيًا.
"رجعت على ريحة بيتي": أمّ حسام نازحة تعود إلى دارها بعد 7 سنوات
من جهتها، لم تتمالك السيدة أم حسام، وهي أم لخمسة أطفال، دموعها عند وقوفها أمام منزلها المدمر جزئيًا في حاس، قائلة: "كل سنين النزوح وأنا أحلم برجعة لهالدار. صحيح ما بقى فيها فرش ولا نوافذ، بس ريحتها لساتها مثل ما تركتها… ريحة أمان وحياة". وأضافت: "الطريق كان مليان خوف وفرح بنفس الوقت. بس لما شفت مدخل حاس حسيت قلبي رجع ينبض. رح نبلش من الصفر، بس هون فينا نعيش بكرامة".
تمثل قافلة العودة هذه خطوة رمزية وعملية نحو إعادة الحياة إلى بلدة حاس، التي عانت لسنوات من النزوح والقصف والدمار. وبين تحديات الواقع وأمل المستقبل، تبقى عودة السكان إلى ديارهم، ولو على أنقاضها، تعبيرًا صادقًا عن التمسك بالحياة، والحق الطبيعي في العودة، والكرامة الإنسانية. وتعمل منظمة بنفسج على توسيع المشروع في الفترة القادمة ليشمل قرى وبلدات أخرى، في محاولة لصياغة مشهد جديد يعيد للسوريين حقهم في العيش في أرضهم بسلام.