أعربت السفيرة الفنلندية في لبنان والقائمة بأعمال السفارة الفنلندية في سوريا، آني ميسكانين، عن قلقها البالغ إزاء الوضع الأمني المتدهور في السويداء جنوبي سوريا. وفي مقابلة مع موقع "العربية" السعودي، أكدت ميسكانين أن السلطات السورية تتحمل المسؤولية الكاملة عن تهدئة الأوضاع وإعادة الاستقرار إلى المنطقة، بالإضافة إلى ضمان المساءلة والمحاسبة عن جميع الجرائم المرتكبة.
كما طالبت الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، بالوفاء بتعهداته المتعلقة بالشمولية وسيادة القانون، مشيرة إلى أن حكومته تعهدت ببناء سوريا جديدة تقوم على المصالحة الوطنية، وسيادة القانون، وفصل السلطات، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع السوريين دون تمييز.
وأكدت السفيرة الفنلندية على تطلع فنلندا إلى رؤية حكومة شاملة تمثل فيها جميع المجتمعات السورية، بما في ذلك النساء على قدم المساواة، مع التشديد على أهمية ضمان مشاركة الأقليات بشكل كامل ومتساوٍ وهادف في جميع مجالات الحياة السياسية والمجتمعية.
اللامركزية الإدارية
وشددت ميسكانين على ضرورة أن تتجاوز اللامركزية الإدارية كونها مجرد شعار، مؤكدة على أهمية منح السلطات المحلية استقلالية مالية حقيقية واستقلالية في اتخاذ القرارات، معتبرة أن ذلك لا يحمل أي نزعة انفصالية. وتأمل هلسنكي في أن يحظى السوريون، بعد سقوط نظام الأسد، بفرصة لإعادة توحيد بلادهم واستقرارها وإعادة بنائها واستعادة العدالة وضمان المساءلة.
وأشارت إلى أنه يتعين على السلطات السورية بذل قصارى جهدها لفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد، معربة عن اعتقادها بأن تعافي سوريا يتطلب اهتمامًا أكبر، لا يقتصر على الجوانب المادية فحسب، بل يشمل أيضًا الجوانب المؤسسية والأخلاقية والسياسية.
كما أدانت السفيرة الفنلندية أي أعمال أو وجود عسكري أجنبي أحادي الجانب في سوريا، وكذلك أي محاولات لتقويض استقرار سوريا وآفاق الانتقال السلمي. ودعت إسرائيل إلى احترام المنطقة العازلة منزوعة السلاح والالتزام ببنود اتفاقية فض الاشتباك الموقعة بين سوريا وإسرائيل في 31 أيار 1974.
وأوضحت أن فنلندا، بصفتها عضوًا في الاتحاد الأوروبي، حثت جميع الجهات الخارجية الفاعلة، دون استثناء، على الاحترام الكامل لوحدة سوريا واستقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها.
أحداث السويداء
تشهد محافظة السويداء أزمة أمنية وإنسانية مستمرة، في أعقاب أعمال عنف وانتهاكات ارتكبتها الحكومة ومسلحون يتبعون للعشائر وفصائل محلية موالية للرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري. وقد بدأت الأحداث نتيجة لحالات خطف متبادل بين عشائر البدو في السويداء وفصائل محلية ذات طابع درزي، تبعها تدخل الحكومة السورية، الأمر الذي واجه مقاومة وقصفًا من إسرائيل، مما زاد من تعقيد الوضع.
ووثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" مقتل ما لا يقل عن 558 شخصًا وإصابة أكثر من 783 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة في محافظة السويداء جنوبي سوريا، بين 13 و21 تموز الحالي. وشملت حصيلة الضحايا، وفقًا للتقرير الذي نشرته الشبكة في 21 تموز، 17 سيدة و11 طفلًا، بالإضافة إلى 6 من الطواقم الطبية بينهم 3 سيدات و2 من الطواقم الإعلامية، خلال اشتباكات عنيفة وأعمال عنف متصاعدة، تضمنت عمليات قتل خارج إطار القانون وقصفًا متبادلًا، إلى جانب هجمات جوية نفذها الطيران الإسرائيلي.
كما تضمنت الحصيلة الأولية مقاتلين من مجموعات عشائرية مسلحة من البدو، وأخرى محلية خارجة عن سيطرة الدولة من أبناء المحافظة، إلى جانب عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية.
رسائل أمريكية تضغط على دمشق للتحرك داخليًا