مع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة واستمرار إسرائيل في إغلاق المعابر المحيطة بالقطاع، بما في ذلك معبر رفح منذ مايو 2024، وما نتج عن ذلك من أوضاع معيشية صعبة، تتزايد المطالبات للسلطات المصرية بفتح معبر رفح. يأتي هذا في ظل استمرار الجدل حول إمكانية تعاون مصر مع الجانب الإسرائيلي لتشغيل المعبر، في ظل غياب السلطة الفلسطينية عن القطاع ورفض إسرائيل لتولي حركة «حماس» إدارته. وقد اعتبرت القاهرة هذا الأمر «اختزالاً لأزمة سياسية عميقة نوقشت سابقاً بشكل مفصل مع الأميركيين وعدة دول، من بينها التي تمارس اليوم الضغوط»، في إشارة إلى السعودية والإمارات والجزائر.
أكد مسؤولون من الخارجية والمخابرات العامة المصرية، في تصريحات لـ«الأخبار»، أن مصر «ترفض أي ترتيبات جديدة تُفرض خارج سياق التوافق الفلسطيني على اتفاقية المعابر الموقّعة في تشرين الثاني 2005، والتي نصّت على إدارة معبر رفح من قبل السلطة الفلسطينية، تحت إشراف أوروبي، مع وجود رقابة إسرائيلية غير مباشرة عبر الكاميرات».
وذكر مسؤول في الخارجية المصرية لـ«الأخبار» أن «معبر رفح مفتوح من الجانب المصري منذ 7 تشرين الأول 2023، غير أن الإغلاق الكامل يأتي من الطرف الإسرائيلي، الذي يهدّد باستهداف أي حركة في الجانب الفلسطيني للمعبر في حال تجاوز الحدود المصرية، ما يجعل أيّ محاولة مصرية لتمرير الشاحنات من دون تنسيق مخاطرة غير محسوبة».
مع تراكم المساعدات المتجهة إلى القطاع في الجانب المصري من المعبر، بما في ذلك المواد الغذائية والطبية، الأمر الذي أدى إلى تلف معظمها، أوضح المصدر أن «التعنت الإسرائيلي أدى إلى بقاء المساعدات لأكثر من شهر من دون السماح بإدخالها»، مشيراً إلى أن «القاهرة كانت قد جهّزت مكاناً مخصّصاً لتخزين واستقبال المساعدات وحمايتها من التلف».
أفاد مسؤول في المخابرات العامة المسؤولة عن جهود الوساطة، بأن ما وصفه بـ«أحاديث إعلامية عن إمكانية فتح المعبر من طرف القاهرة ودخول الشاحنات من دون تنسيق، يُعد مقترحاً بمخاطرة جسيمة تهدد حياة من يقومون بتلك المهام، سواء كانوا مصريين أو من منظمات دولية، وإن المعبر يقع داخل منطقة نزاع مسلح، وأي تحرك غير منسّق يعرّض الأرواح للخطر». وأضاف أن «التعامل المباشر مع إسرائيل في إدارة معبر رفح يعادل العدم من حيث النتائج، بل ويمثّل خطراً على المستقبل السياسي للمعبر، لتكريسه واقعاً جديداً يعترف بسيطرة إسرائيلية مرفوضة بالكامل»، لافتاً إلى «انزعاج مصر من تحميلها جزءاً من مسؤولية حصار القطاع ومنع وصول المساعدات».
ويرى المسؤول أن «أي نقاش من هذا النوع يدخل في نطاق مفاوضات شاملة أغلقت القاهرة بابها منذ فترة، رافضة المساس بالسيادة الفلسطينية على القطاع، أو تقديم غطاء لإعادة ترسيم السيطرة على المعابر بما فيها مقترحات نقل معبر رفح من موقعه الحالي، والتي طرحتها إسرائيل من قبل».
إلى جانب ذلك، كثّفت مصر اتصالاتها مع الدول العربية التي وجّهت لها الانتقادات، حسبما أفاد دبلوماسي مصري مطّلع على المفاوضات لـ«الأخبار». وأضاف أن هذه الاتصالات «جاءت بعدما حاول عدد من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين استغلال الموقف للتحريض على التظاهر أمام السفارات المصرية في الخارج». أيضاً، تواصلت مصر مع الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية دولية، مطالبة بـ«إيضاحات حول أسباب تعطيل إدخال المساعدات»، بينما «بحثت مع الإمارات إمكانية استخدامها لقنواتها مع إسرائيل لتمرير المساعدات من معبر كرم أبو سالم، أو إرسال المساعدات مباشرة إلى إسرائيل لتقوم الأخيرة بإدخالها عبر معابرها».