في خطوة جريئة، اتخذت الحكومة السورية قراراً برفع تعرفة الكهرباء وفقاً لشرائح استهلاك جديدة، وذلك ضمن خطة إصلاحية شاملة تهدف إلى إنقاذ القطاع من الخسائر وتحسين مستوى الخدمة. وقد أثار هذا القرار، الذي صدر أمس، ردود فعل متباينة بين مؤيدٍ يرى فيه ضرورة اقتصادية، ومعارض يعتبره عبئاً إضافياً على المواطنين والقطاع الإنتاجي.
وزارة الطاقة: خطة شاملة لإصلاح قطاع الكهرباء
أوضحت وزارة الطاقة أن هذا القرار يأتي في إطار خطة تهدف إلى رفع كفاءة الشبكة وتحسين البنية التحتية، وذلك من خلال استغلال الإيرادات الإضافية في تمويل مشاريع التأهيل، وتركيب العدادات الذكية، وشراء الوقود اللازم لعملية التوليد، بهدف الوصول إلى زيادة ساعات التغذية لتصل إلى 14 ساعة يومياً بحلول منتصف عام 2026. وأكدت الوزارة أن نظام الشرائح الجديد يضمن استمرار الدعم للفئات محدودة الدخل بنسبة تتجاوز 60%.
خبير اقتصادي: الإصلاح ممكن ولكن التوقيت حساس
اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور إيهاب اسمندر أن هذه الخطوة تحمل بعداً إصلاحياً، ولكنها تحتاج إلى توازن دقيق. وأشار في تصريحه لـ "الحرية" إلى أن رفع التعرفة ليس مجرد زيادة في الأسعار، بل هو خطوة إصلاحية تتطلب شفافية في التنفيذ وتوازناً بين متطلبات الإنقاذ الاقتصادي وقدرة المواطن على التحمل. وأضاف اسمندر أن القرار يحاول تحويل الكهرباء من عبء مالي إلى مورد مستدام، إلا أنه جاء في توقيت حساس يعاني فيه الاقتصاد السوري من ضعف في الطلب وارتفاع في تكاليف المعيشة، مما يجعل المواطن والقطاع الإنتاجي الأكثر تأثراً بالصدمة السعرية.
اسمندر: في المدى القصير سيكون التأثير سلبياً نتيجة صدمة الأسعار أما في المدى المتوسط والطويل تتحقق نتائج إيجابية
الشرائح الجديدة وارتفاع الفاتورة
وفقاً للقرار، أصبحت تعرفة الكهرباء كالتالي: الشريحة الأولى (حتى 300 كيلوواط ساعي): 600 ل.س.. الشريحة الثانية (فوق 300 كيلو واط): 1,400 ل.س.. الشريحة الثالثة (المؤسسات الحكومية): 1,700 ل.س… الشريحة الرابعة (المعامل والمصانع): 1,800 ل.س.. ويشرح اسمندر بالأرقام حجم التأثير قائلاً: عائلة تستهلك 300 كيلو واط كانت تدفع نحو 3 آلاف ليرة سابقاً، ستدفع اليوم حوالي 180 ألف ليرة، أي زيادة تقارب 5900%. وهذا يعني أن العبء الأكبر يتركز على أصحاب الدخل المحدود.
تأثير القرار على الأسعار والقطاع الصناعي
يرى اسمندر أن رفع أسعار الكهرباء بهذا الشكل سيؤدي إلى زيادة أسعار السلع والخدمات، لأن الكهرباء تدخل في جميع مراحل الإنتاج والتوزيع. إذ إن السعر الجديد للصناعيين، الذي يقارب 17 سنتاً للكيلو واط رغم تخفيضه، مرتفع جداً مقارنة بدول الجوار (6 أضعاف السعر في مصر وضعفي تركيا)، وهذا يؤثر على تنافسية المنتج السوري وقد يدفع بعض المصانع إلى تقليص نشاطها أو الإغلاق.
الإصلاح شامل لا يقتصر على رفع الأسعار
يؤكد الدكتور اسمندر أن رفع الأسعار لا يكفي لإنقاذ قطاع الكهرباء، مشيراً إلى أن نحو 30% من الطاقة المنتجة تذهب إلى مؤسسات حكومية مجاناً، و30% أخرى تضيع بسبب الفاقد الفني والسرقات. وتالياً، معالجة هذه الثغرات أولى من تحميل العبء للمستهلكين، فالإصلاح الحقيقي يبدأ من ضبط الهدر وتحسين الكفاءة قبل رفع الأسعار. ويضيف إن الأثر النهائي على الاقتصاد يعتمد على التوقيت والسياق. مضيفاً: في المدى القصير سيكون التأثير سلبياً نتيجة صدمة الأسعار، أما في المدى المتوسط والطويل فقد تتحقق نتائج إيجابية إذا استُخدمت الإيرادات في تحسين الخدمة وتنفيذ إصلاح اقتصادي متكامل.
اختبار
بين الطموح في إصلاح قطاع الكهرباء والضغوط المعيشية اليومية، يبقى القرار اختباراً حقيقياً لقدرة الحكومة على تحويل الإيرادات الجديدة إلى خدمة أفضل، وكسب ثقة المواطن السوري الذي ينتظر أن يرى مقابل ما يدفعه اليوم مستقبلاً كهرباء مستقرة واقتصاداً أكثر توازناً.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
