السبت, 26 يوليو 2025 04:08 AM

تحقيق استقصائي: كيف يعيد النظام السوري تشكيل اقتصاده بسرية بقيادة شقيق الرئيس و"الشيخ أبو مريم" الأسترالي؟

تحقيق استقصائي: كيف يعيد النظام السوري تشكيل اقتصاده بسرية بقيادة شقيق الرئيس و"الشيخ أبو مريم" الأسترالي؟

في محاولة لإعادة بناء الاقتصاد السوري المنهك بفعل الحرب، يعتمد أحمد الشرع على شقيقه الأكبر، حازم، للإشراف سراً على صفقات تهدف إلى السيطرة على الشركات الكبرى. تكشف التفاصيل عن لجنة ظل سرية تعمل على إعادة تشكيل الاقتصاد السوري من خلال الاستحواذ الخفي على شركات تابعة لنظام الأسد.

يشير التحقيق إلى أن حازم الشرع، شقيق الرئيس، وشخصية أسترالية خاضعة للعقوبات، هما المسؤولان عن "فك خيوط الفساد المتشابكة". ومع ذلك، تتضمن هذه العملية إبرام صفقات مع رجال أعمال يعتبرهم العديد من السوريين مرتبطين بمكاسب غير مشروعة خلال فترة النظام السابق.

بعد سقوط دمشق، تلقى رجل أعمال بارز مكالمة هاتفية في وقت متأخر من الليل لحضور اجتماع مع "الشيخ" في مكان مألوف، وهو مبنى شهد عمليات ابتزاز لرجال أعمال في عهد بشار الأسد. الآن، هناك قادة ومسؤولون جدد. لم يذكر الشيخ، الملتحي والمسلح، سوى اسمه المستعار "أبو مريم"، وهو الآن رئيس لجنة إعادة تشكيل الاقتصاد السوري، ويتحدث العربية بلكنة أسترالية خفيفة. يقول رجل الأعمال: "سألني عن عملي وأرباحي، وكنت أنظر إلى المسدس طوال الوقت".

يكشف تحقيق رويترز أن القيادة الجديدة في سوريا تعمل سراً على إعادة هيكلة الاقتصاد المتضرر من الفساد والعقوبات، تحت إشراف مجموعة من الرجال الذين ظلوا مجهولين حتى الآن. مهمة اللجنة هي فك رموز إرث اقتصاد عهد الأسد وتحديد ما يجب إعادة هيكلته وما يجب الاحتفاظ به.

بعيداً عن الرقابة العامة، استحوذت اللجنة على أصول تزيد قيمتها عن 1.6 مليار دولار، استناداً إلى روايات أشخاص مطلعين على صفقات الاستحواذ على حصص في شركات ومصادرة أموال نقدية، بما في ذلك ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار من الأصول المصادرة من ثلاثة رجال أعمال، وشركات في تكتل كان يسيطر عليه في السابق مقربون من الأسد، مثل شركة الاتصالات الرئيسية في البلاد، والتي تبلغ قيمتها ما لا يقل عن 130 مليون دولار.

يشرف حازم الشرع على إعادة هيكلة الاقتصاد السوري، بينما يرأس اللجنة "أبو مريم الأسترالي"، واسمه الحقيقي "أبراهام سكرية"، وهو أسترالي من أصل لبناني مدرج على قائمة العقوبات في بلاده بتهمة تمويل الإرهاب، ويصف نفسه بأنه "رجل أعمال محب للكريكيت والشاورما".

قامت الحكومة السورية الجديدة بتفكيك أجهزة الأمن والمخابرات، وأصبح الناس يتحدثون بحرية أكبر، لكن وجود أفراد من العائلة ورجال معروفين بأسماء حربية فقط في إدارة الاقتصاد يثير قلق رجال الأعمال والدبلوماسيين والمحللين، الذين يخشون استبدال "أوليغارشية القصر" بأخرى.

استند تحقيق رويترز إلى مقابلات مع أكثر من 100 رجل أعمال ووسيط وسياسي ودبلوماسي وباحث، بالإضافة إلى وثائق مالية ورسائل بريد إلكتروني ومحاضر اجتماعات وتسجيلات شركات جديدة.

لم تعلن الحكومة السورية عن عمل اللجنة، وهي غير معروفة لعموم السوريين، ولا يعرف بوجودها ودورها ومسؤولياتها سوى أولئك الذين يتعاملون معها بشكل مباشر، وهو دور سيؤثر على حياة ومعيشة جميع السوريين، في الوقت الذي تحاول فيه البلاد إعادة الاندماج في الاقتصاد العالمي.

قال أحد أعضاء اللجنة إن حجم الفساد في عهد الأسد لم يترك سوى خيارات قليلة للإصلاح الاقتصادي، ويمكن للجنة أن تحيل رجال الأعمال المشتبه في حصولهم على مكاسب غير مشروعة إلى المحكمة، أو أن تصادر الشركات مباشرة، أو أن تعقد صفقات خاصة مع شخصيات من عهد الأسد ما تزال خاضعة لعقوبات دولية.

ينطوي ذلك على مخاطر زيادة التفرقة بين السوريين، الأغنياء ضد الفقراء، ومن ازدهروا في عهد الأسد ضد من عانوا في عهده، وبدلاً من مقاضاة رجال الأعمال الذين استفادوا من عهد الأسد أو مصادرة شركاتهم، قررت اللجنة التفاوض لاسترداد الأموال التي تشتد الحاجة إليها، وفرض سيطرتها على أدوات الاقتصاد، مما يسمح بالعمل دون انقطاع.

لم ترد الحكومة السورية وحازم الشرع وسكرية على الطلبات المتكررة للتعليق، وأحال مكتب الرئيس الأسئلة إلى وزارة الإعلام، وعرضت رويترز نتائج هذا التحقيق خلال اجتماع شخصي الأسبوع الماضي مع وزير الإعلام وعرضت تفاصيله وطرحت أسئلة مكتوبة على الوزارة، لكن الوزارة لم تقدم أية ردود قبل نشر التحقيق.

على مدار سبعة أشهر، تفاوضت اللجنة مع أغنى رجال الأعمال السوريين، بمن فيهم بعض الذين يخضعون لعقوبات أمريكية، كما أحرزت اللجنة تقدماً في الاستحواذ على مجموعة من الشركات التي كانت تدار من قصر الأسد.

يحتفظ العديد من رجال الأعمال المرتبطين بالأسد، بمن فيهم قطب طيران خضع لعقوبات بسبب تهريب المخدرات والأسلحة، ورجل أعمال متهم بجمع وصهر المعادن من المدن السورية التي أفرغها جيش الأسد من سكانها، ببعض الأرباح والمكاسب، ويتجنبون الملاحقة القضائية من قبل الدولة، ولكن مقابل ثمن، لكن هذه الصفقة، العفو مقابل مزيج من الأموال والسيطرة على الشركات، تنطوي على مخاطرة متمثلة بإثارة غضب السوريين الذين يسعون إلى تحقيق العدالة.

قال أربعة دبلوماسيين غربيين كبار إن تركيز القوة الاقتصادية في أيدي شخصيات غامضة ذات خلفيات مجهولة قد يعيق الاستثمار الأجنبي والمصداقية، في الوقت الذي تحاول فيه سوريا العودة إلى النظام المالي العالمي.

التقت اللجنة بالعشرات من الأشخاص، أحياناً برأتهم وأحياناً أخرى سعت للحصول على جزء من ثرواتهم، حسبما قال مصدر تحدث عن أنشطة اللجنة، وقال في النهاية إن السوريين سيستفيدون عندما تتم خصخصة الشركات أو طرحها في شراكات بين القطاعين العام والخاص أو تأميمها، مع توجيه العائدات إلى صندوق ثروة سيادي.

أعلن الشرع عن تشكيل صندوق سيادي تابع للرئاسة مؤخراً، وقال ثلاثة أشخاص مطلعون على الصندوق إنه سيخضع لإشراف شقيقه، وفي اليوم نفسه، كشف الشرع عن إنشاء صندوق تنموي برئاسة أحد المقربين من حازم منذ فترة طويلة، كما أصدر الرئيس مؤخراً تعديلات على قانون الاستثمار بموجب مرسوم، وعلى الرغم من أن حازم وسكرية لم يعلنا عن توليهما مناصب حكومية، فقد اكتشفت رويترز أن الاثنين قاما بتحرير النص النهائي للتعديلات.

قال ستيفن هايدمان، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في كلية سميث في ماساتشوستس، لرويترز إن صندوق الثروة السيادي السوري فكرة سابقة لأوانها وانتقد اعتماده على أصول غير نشطة غامضة، وحذر من أن منح الاستقلالية لإدارة الصندوق يقوض المساءلة.

الدور البارز للجنة التي تعمل على فك رموز الاقتصاد السوري يعود لأعضاء منتمين لهيئة تحرير الشام، كانوا مسؤولين عن إدارة الأموال في إدلب، وهناك طورت هتش هياكل مالية وحكومية، وأنشأت في 2018 شركة "وتد" صحابة الحقوق الحصرية في استيراد مشتقات الوقود من تركيا، إلى جانب بنكها الخاص "بنك شام".

وكان وراء دخول هتش في مجال الأعمال شخص يدعى أبو عبد الرحمن، وهو فرّان سابق تحول إلى قائد عسكري رفيع المستوى، حسبما قال عضو في اللجنة واثنان من كبار مسؤولي هتش لرويترز.

أنشأ أبو عبد الرحمن اللجنة الاقتصادية في إدلب، التي كانت في البداية مجموعة مخصصة تضم عدداً قليلاً من الرجال الموالين لأحمد الشرع، وأشرف على تطور اللجنة لتصبح مؤسسة تضم عشرات الأشخاص، من محاسبين ومحامين إلى مفاوضين ومنفذين، على حد قولهم، وهي موجودة خارج الهياكل الرسمية للدولة.

قالت المصادر إن اللجنة أنشأت جناحاً اقتصادياً يركز على جني الأموال، برئاسة أبو مريم، وجناحاً مالياً لإدارة تلك الأموال، بقيادة أبو عبد الرحمن.

اسم أبو عبد الرحمن الحقيقي هو مصطفى قديد، وفقاً لثلاثة مصادر من هتش، وقد استقر في الطابق الثاني من البنك المركزي السوري في اليوم التالي لسقوط دمشق، ولم يرد قديد على طلب للتعليق على ما لدى رويترز من معلومات.

أصبح أبو عبد الرحمن معروفاً لدى بعض المسؤولين والمصرفيين السوريين بـ "الحاكم الظل"، حيث يتمتع بحق النقض على قرارات الحاكم الرسمي الذي يجلس في مكتب أعلى بطابقين.

عندما عُرضت عليه نتائج رويترز حول إعادة الهيكلة الاقتصادية ودور أبو عبد الرحمن، كتب عبد القادر حصرية، محافظ البنك المركزي السوري في رد لرويترز: "هذا غير صحيح".. ولم يرد على طلبات توضيح المزيد من التفاصيل.

وقالت مصادر رويترز، إن القرارات المهمة تتطلب موافقة من يشار إليه بـ "الشيخ" أبو عبد الرحمن، الذي وصفوه بأنه لطيف الطباع ولكنه يفضل مركزية السلطة.. قال أحد المصادر: "الوضع الآن كما كان من قبل، عندما كان القصر الجمهوري يقرر كل شيء".

أما الشيخ الآخر، أبو مريم الأسترالي، فكان غادر مسقط رأسه في أستراليا عام 2013 قبل يوم واحد من قيام شقيقه أحمد بتفجير شاحنة مفخخة عند حاجز للجيش السوري، حسبما قال المدعون العامون الأستراليون، ليصبح أول انتحاري أسترالي معروف في سوريا، وحُكم على شقيق ثالث له، هو عمر، عام 2016 بالسجن لمدة 4 سنوات ونصف في أستراليا بعد أن أقر بذنبه في تهمة إرسال عشرات الآلاف من الدولارات إلى جبهة النصرة.

وقد ورد وصف لأنشطة الأخوة في وثائق قدمتها النيابة العامة الأسترالية إلى المحكمة العليا في البلاد رداً على استئناف عمر للحكم الصادر بحقه، ولم تتمكن رويترز من تحديد مكان عمر، ولم يرد محاميه السابق على طلب للتعليق.

وأكدت الحكومة الأسترالية أن أبراهام سكرية ما يزال خاضعاً للعقوبات، لكنها رفضت الإفصاح عما إذا كانت على علم بدوره الحالي، مشيرة إلى سياسة عدم التعليق على الأفراد لأسباب تتعلق بالخصوصية.

لم يرد أبو مريم على طلبات التعليق الموجهة إليه حول دوره في إعادة تشكيل الاقتصاد السوري أو النتائج الأخرى لهذا التحقيق عبر رسالة مباشرة إلى حسابه بموقع إكس وإلى مساعده الأول.

يشرف حازم الشرع (مدير عام سابق لبيبسيكو في أربيل) الآن على عمل اللجنة الاقتصادية كجزء من سلطته الواسعة على شؤون الأعمال والاستثمار في سوريا الجديدة، ولا يشغل أي منصب حكومي معلن، لكنه ظهر إلى جانب شقيقه في زيارة رسمية إلى السعودية، وكان حازم أول من قدمه شقيقه إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على الرغم من أنه لم يتم تحديد هويته في البيانات الرسمية للاجتماع.

عند وصولها إلى دمشق في ديسمبر، أقامت اللجنة في البداية في فندق فور سيزونز، مقر بعثة الأمم المتحدة في سوريا وكبار الشخصيات الأجنبية، وفقاً لموظف في الفندق واثنين من السوريين المطلعين على الأمر.

حصل أعضاء اللجنة، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين في هيئة تحرير الشام، على غرف وأجنحة مجاناً، وفقاً لاثنين من الأشخاص المطلعين على الترتيبات.

أزيل بار في صالة السيجار ذات الإضاءة الخافتة في فندق فور سيزونز لاستيعاب الشيوخ والاجتماعات الخاصة، بما في ذلك محادثات التسوية، وفقاً لموظفي الفندق وعدة أشخاص مطلعين على التغيير.

قالت الشركة إن الفندق لم يعد يديره فندق فور سيزونز منذ عام 2019، وهو نفس العام الذي فرضت فيه الولايات المتحدة عقوبات على مالكه، سامر فوز، ولم يعلق فوز على هذا التقرير.

انتقلت اللجنة تدريجياً إلى مكاتب كان يستخدمها سابقاً رجال أعمال بارزون، ويد الأسد الاقتصادية اليمنى، يسار ابراهيم، الذي يقيم في الإمارات منذ الإطاحة بالأسد، ولم يرد هو الآخر على طلبات التعليق.

قرر الأعضاء بسرعة عدم مقاضاة رجال الأعمال المشتبه في حصولهم على مكاسب غير مشروعة "لأن ذلك سيجعلنا نلعب في ملعبهم" حسبما قال أحد أعضاء اللجنة، وعلى الرغم من أن بعض القضاة فقدوا وظائفهم بعد سقوط الأسد، إلا أن العديد منهم ما يزالون في مناصبهم، وخشيت الحكومة الجديدة من أن يتفوق عليها رجال الأعمال البارعون في التعامل مع النظام القضائي، أو من عدم وجود أدلة لإدانتهم في قضايا مالية معقدة، وفقًا لأحد الأعضاء ومدقق حسابات مطلع على المحادثات.

قالوا إن المصادرة الصريحة رُفضت لتجنب إخافة المستثمرين المحتملين، ولم يتبق سوى خيار إبرام صفقات مع رجال الأعمال، وحملهم على التنازل عن أصولهم مقابل السماح لهم بالعودة إلى العمل في سوريا، كما ستستفيد الحكومة الجديدة من خبراتهم.

قال مصرفي مطلع على المحادثات إن الحكام الجدد في سوريا "ليسوا فيدل كاسترو" الديكتاتور الذي أمم معظم الاقتصاد الكوبي.. "إنهم أقرب إلى مكيافيلي".

في عام 2020، بدا الأسد منتصراً في الحرب بفضل الدعم الروسي والإيراني، وبحلول ذلك الوقت، كان القصر قد أنشأ مجموعة تضم أكثر من 100 شركة أطلق عليها اسم "العهد" وفقاً لشخص شارك في الخطط منذ بدايتها ووثائق الشركة، وتقاسم مسؤولو حكومة الأسد وأعوانه أرباح الشركات مع أصحابها من كبار رجال الأعمال، وكان يسار ابراهيم يشرف على كل ذلك، وبعد سقوط الأسد، بدت هيكلية الملكية أكثر غموضاً.

راجعت رويترز إعلاناً غير منشور من عام 2020، موجهاً للعامة، يربط الأسد مباشرة بشركة العهد، ويصفها بأنها شركة خاصة تساعد سوريا على التعافي من الحرب.

يُظهر الإعلان المصور لقطات جوية لمدينة سورية بها مبانٍ منهارة ولاجئون يرتعدون خوفاً، ثم ينتقل مع موسيقى حماسية إلى صور للبناء والحقول الوفيرة وخطوط الإنتاج.

يُظهر ملف عرض تقديمي داخلي قُدم إلى الدائرة المقربة من الأسد في عام 2021 مجموعة من الشركات الحقيقية والشركات الوهمية التي أُنشئت تحت مظلة شركة العهد للسيطرة على القطاعات الاقتصادية الرئيسية، بما في ذلك الاتصالات والبنوك والعقارات والطاقة.

وعندما سقطت دمشق في 8 ديسمبر، هرب يسار إبراهيم، وأعربت شقيقته نسرين عن أسفها لفقدان المجموعة السيطرة.

وكتبت نسرين إلى شركائها، وفقاً لرسالة على واتساب اطلعت عليها رويترز: "لم تعد لدينا أية صلة بأي من الشركات، دعهم يديرون هذه الشركات كما يرون مناسباً".. ولم يتسن الاتصال بها للتعليق.

حصلت اللجنة على العرض التقديمي واستخدمته لتوجيه عمليات الاستحواذ، واستبدلت علم عهد الأسد بالعلم الجديد، وفقاً لنسخة من الوثيقة المحدثة اطلعت عليها رويترز.

قال رينود ليندرز، الأستاذ في كينغز كوليدج لندن والمطلع على الاقتصاد السياسي لسوريا، إن يسار إبراهيم تغلغل في جميع القطاعات الاقتصادية السورية تقريباً، وربما كان يسيطر على ما يصل إلى 30٪ من إجمالي الناتج القومي للبلاد بحلول عام 2024، وقدر البنك الدولي الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بـ 6.2 مليار دولار في عام 2023، أي حوالي عُشر مستواه قبل الحرب.

وقدّر مدير مالي سابق للمجموعة القيمة الإجمالية لعملياتها الأساسية بما يصل إلى 900 مليون دولار، لكنها جمعت أيضاً أصولاً أخرى، مثل شركة الاتصالات الرئيسية في سوريا، سيرياتل، من خلال شراكات فرضها الأسد على كبار رجال الأعمال، مما أدى إلى تدمير الاقتصاد مع استمرار الحرب، وشملت تلك الشراكات سامر فوز ومحمد حمشو، بالإضافة إلى محمد وحسام قاطرجي.

في البداية، واجهت اللجنة صعوبة في إدارة الشؤون المالية للمجموعة، وذلك لأن شخصاً واحداً فقط، هو أحمد خليل، أحد مساعدي ابراهيم، كان لديه حق الوصول القانوني إلى الحسابات المصرفية، وفقاً لثلاثة من كبار المديرين في المجموعة.

طلبت اللجنة من خليل وابراهيم التنازل عن 80% من الإمبراطورية مقابل الحصانة، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر، لكن المفاوضات تعثرت، ولم يرد أي من الرجلين على طلبات التعليق، وكذلك الحال بالنسبة للأخوين قاطرجي، في حين نفى حمشو ارتكابه أية مخالفات.

حتى بدون تعاون ابراهيم، أحرزت اللجنة تقدماً من خلال إبرام صفقات مع الإدارة غير الرئيسية للمجموعة، وقال أحد أعضاء فريق يسار ابراهيم الرئيسيين إنه سلم البيانات مقابل الحصانة.

وقال مسؤول مالي ثانٍ في المجموعة، يعمل أيضاً مع اللجنة منذ أشهر، إن ما لا يقل عن نصف إمبراطورية الشركات في عهد الأسد قد تم الاستيلاء عليها الآن، ويشمل ذلك شركة الاتصالات الرئيسية، سيرياتل، وتسيطر اللجنة عليها الآن من خلال عضو عُيّن كموقع، وفقاً لوثيقة تسجيل الشركة التي اطلعت عليها رويترز، وقالت سيرياتل إن بعض النتائج التي توصلت إليها رويترز غير صحيحة، لكنها لم ترد على طلبات التوضيح.

استأنفت بعض أكبر شركات المجموعة عملياتها تحت أسماء جديدة، وفقاً لثلاثة مصادر مطلعة على الأمر ووثيقة راجعتها رويترز، ومن بينها شركة أجنحة الشام، وهي شركة الطيران الخاصة الوحيدة في سوريا، وقد تحولت إلى فلاي شام بموجب اتفاق مع مالكها عصام شموط، وفقاً لثلاثة مصادر رفيعة المستوى في مجال الطيران وموظف في الشركة، وسجلات الشركة التي راجعتها رويترز.

تخضع الشركة ومالكها شموط لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاتهامهما بالتورط في نقل مرزقة إلى ليبيا ومهاجرين غير شرعيين إلى بيلاروسيا، ونقل أسلحة والاتجار بالكبتاغون.

ووفقاً للوثيقة، تنازل شموط عن 45٪ من الشركة مقابل الحصانة من الملاحقة القضائية من قبل الدولة، كما دفع 50 مليون دولار وسلم طائرتين إلى شركة الطيران السورية المملوكة للدولة.

سلم سامر فوز، الذي فرضت عليه واشنطن عقوبات في عام 2019 بتهمة الاستفادة من إعادة إعمار سوريا بعد الحرب، حوالي 80٪ من أصوله التجارية، التي تقدر قيمتها بما بين 800 مليون ومليار دولار، وفقاً لشخص مطلع على الصفقة، وشملت الصفقة واحدة من أكبر مصافي السكر في الشرق الأوسط، ومصنعاً لصهر الحديد، ومصانع أخرى، حسبما قال هذا الشخص.

سلم محمد حمشو، الذي تشمل شركات عائلته إنتاج الكابلات والأعمال المعدنية والإلكترونيات واستوديوهات الأفلام، حوالي 80٪ من أصوله التجارية، التي تقدر قيمتها بأكثر من 640 مليون دولار، وفقاً لثلاثة أشخاص مقربين من الصفقة، وقد بقي لديه حوالي 150 مليون دولار، واحتفظ أفراد عائلته بشركاتهم، حسبما قال هؤلاء الأشخاص.

قال عمرو سالم، وزير التجارة السابق ومستشار بشار الأسد، إن النهج البراغماتي للحكومة الجديدة يمكن أن يفيد بلداً مدمراً، لكن الافتقار إلى الشفافية والمعايير الواضحة للتسويات يهدد بحدوث انتهاكات جديدة للسلطة، وأضاف لرويترز: “طُلب مني شخصياً إبرام صفقة لكنني رفضت، لأنني لم أرتكب أي خطأ”.

أكد حمشو، في اتصال مع رويترز، أنه أجرى محادثات مع اللجنة، لكنه قال إنه سيحتفظ بأية تعليقات أخرى حتى يتم الإعلان عن التسوية، وأضاف: “أشجع قادة الأعمال والمستثمرين على التوجه نحو سوريا، فالبلد يتبنى اقتصاد السوق الحرة ويوفر أرضية خصبة لفرص استثمارية متنوعة وواعدة”.

وتعمل اللجنة حالياً على تغيير نفسها، فتستبدل ألقاب “شيخ” بـ “سيد” وما تزال المكالمات والاجتماعات تتم في وقت متأخر من الليل، ولكن يتم إنجاز الأعمال الورقية خلال ساعات العمل، وقال عضو إن أعضاء اللجنة طُلب منهم أيضاً ارتداء البدلات بدلاً من السراويل شبه العسكرية أو الملابس غير الرسمية، كما صدرت لهم أوامر بإخفاء مسدساتهم عن الأنظار.

مشاركة المقال: