في خطوة تهدف إلى تحسين إمدادات المياه، قامت جمعية خيرية في محافظة درعا، جنوبي سوريا، بترميم بئرين لمياه الشرب في بلدة المتاعية بالريف الشرقي. وقد ساهم هذا الترميم في تحسين وصول المياه إلى البلدة التي عانت لسنوات من أزمة مياه حادة، في ظل مطالبات مستمرة بحفر بئر ثالثة لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
أشرف مجلس الأعيان في البلدة على تشغيل البئر الغربية بعد تزويدها بألواح الطاقة الشمسية، كونها أغزر آبار بلدة المتاعية. كما تم تقديم مضخة للبئر الأخرى الواقعة شرقي البلدة. وتأتي هذه الجهود بعد أن تعرضت البئر الغربية لقصف في 31 كانون الأول 2023، يعتقد أنه من طيران أردني، ما أدى إلى إصابة الحارس بجروح وتدمير ألواح الطاقة وغرفة الحراسة، وإخراج البئر عن الخدمة.
أكد سكان في بلدة المتاعية أن تشغيل البئرين يؤمن 60% من مياه الشرب، في حين لا تزال البلدة بحاجة إلى بئر ثالثة لتعزيز وصول المياه إلى جميع السكان. وقبل تأهيل البئرين، كان السكان يعتمدون على مياه الصهاريج الجوالة، حيث تبلغ تكلفة الصهريج الواحد 75,000 ليرة سورية، أي ما يعادل 7.5 دولار أمريكي (وفقًا لسعر الصرف في السوق السوداء البالغ 10,000 ليرة للدولار الواحد).
زياد الكفري، أحد سكان البلدة، أوضح أن ترميم الآبار يخفف الأعباء المالية على السكان، حيث كان يضطر لشراء أربعة صهاريج مياه شهريًا، ويتوقع أن يقتصر الأمر على صهريجين فقط حاليًا. وأضاف أنه، وفقًا لبرنامج توزيع المياه، ستصله المياه مرة كل 12 يومًا، ما يقلل من تكلفة شراء المياه من الصهاريج.
من جانبه، أشار عبد الحي، وهو أحد سكان البلدة، إلى أن حفر الآبار وحده لا يكفي لحل مشكلة وصول مياه الشرب للسكان، بل يجب ترميم وضبط التعديات على الشبكة الداخلية. وأضاف أنه يشتري صهريجًا كل أسبوع، ولا يتوقع حلًا جذريًا إلا بعد ضبط التعديات، مطالبًا بعدالة التوزيع في البلدة.
حل جزئي
مؤيد الكفري، المتحدث باسم مجلس الأعيان، وأحد المشرفين على أعمال ترميم الآبار، ذكر أن تكلفة إعمار البئرين كانت على نفقة جمعية “العمري لكفالة الأيتام” وبإشراف من مجلس محافظة درعا ومجلس الأعيان في البلدة. وأوضح أن مجلس الأعيان هو تجمع غير حكومي يضم وجهاء البلدة وينشط في الأعمال المجتمعية.
وأضاف الكفري أن تكلفة الترميم بلغت 27,000 دولار، توزعت على شراء 150 لوحًا للطاقة الشمسية، إضافة إلى قواعد لنصب الألواح وتأهيل غرفة للحراسة وشراء مضخة للبئر الأخرى. وأكد أن البئرين الارتوازيتين صالحتان للشرب، ولكنهما لا تكفيان حاجة البلدة للمياه، مشيرًا إلى أن هناك خططًا للمجلس في حفر بئر ثالثة لتعزيز وصول مياه الشرب لمعظم السكان. وكان سكان بلدة المتاعية قد رمموا البئرين في عام 2023 على نفقة الأهالي بعد إطلاق حملة تبرعات، بالإضافة إلى تزويدهما بألواح الطاقة الشمسية وربطهما بالشبكة.
أزمة مياه في درعا
تعاني محافظة درعا من نقص حاد في مياه الشرب، خاصة بعد جفاف بعض الينابيع وتراجع منسوب معظمها. وقد تراجع منسوب كل من محطة الأرواء وعيون الأشعري وعيون عين ذكر، وعين الصافوقية، وهي مصادر رئيسة لمياه الشرب في المحافظة، بسبب الحفر الجائر والعشوائي للآبار الزراعية المخالفة، ما أثر على غزارتها وجفاف بعضها بشكل نهائي، وفقًا لتصريح سابق للمدير العام لمؤسسة مياه الشرب الصحي في درعا، مأمون المصري. وسبق ذلك، خلال الأعوام الماضية، جفاف كل من بحيرة المزيريب، وعيون الساخنة الكبرى والصغرى قرب بلدة تل شهاب، ونبع زيزون وعيون العبد في قرية العجمي.
وكان مدير عام المؤسسة العامة لمياه الشرب في درعا قد ناشد، في حديثه مطلع تموز الحالي، الجهات المختصة ردم الآبار التي تؤثر على هذه الينابيع، محذرًا من دخول المحافظة في عجز مائي حال استمرت هذه التجاوزات. وأكد أن المؤسسة تعمل على إيجاد البدائل ودعم الوارد المائي في المحافظة عن طريق حفر آبار جديدة ورفد المصادر المائية بخططها الاستثمارية، وضمن الإمكانيات والاعتمادات المتاحة. كما تعمل على إعادة تأهيل المصادر المائية من مشاريع مركزية ومحطات ضخ وآبار، حفاظًا على جاهزيتها واستمرار عملها، وذلك ضمن خطتها وبرنامج عملها وبالتنسيق مع المنظمات الدولية الداعمة.