الأحد, 27 يوليو 2025 08:50 PM

مبادرة في ألمانيا: كيف تحول جمعية الترفيه الشبابي إجازة الصيف إلى فرصة للأطفال والعائلات محدودة الدخل

مبادرة في ألمانيا: كيف تحول جمعية الترفيه الشبابي إجازة الصيف إلى فرصة للأطفال والعائلات محدودة الدخل

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تجعل تأمين الاحتياجات الأساسية تحديًا يوميًا، يصبح السفر في العطلة الصيفية حلمًا بعيد المنال للعديد من العائلات ذات الدخل المحدود. ولكن، تبرز مبادرات مثل "جمعية الترفيه الشبابي" في هامبورغ، التي تمنح الأطفال واليافعين من هذه العائلات فرصة لقضاء إجازة حقيقية، وتخفف العبء عن الأهل.

في محطة هامبورغ-ألتونا، يحرص الشاب يوشوا هايندورف على التأكد من وجود جميع الأطفال المسجلين في القائمة قبل الانطلاق. يحصل كل طفل على سوار وبطاقة تعريفية باسمه لتجنب أي ضياع. الوجهة هي مخيم صيفي في جزيرة "زيلت"، وذلك في أول أيام العطلة المدرسية في المدينة.

يوشوا، البالغ من العمر 16 عامًا، شارك خمس مرات سابقة في هذه الرحلات الصيفية، ولكنه يشارك هذه المرة كمشرف. يقول مبتسمًا: "ذهبت للنوم الساعة الثالثة، ولم أستطع النوم من شدة الحماس. الآن بصفتي مشرفًا، أشعر بمسؤولية أكبر تجاه الأطفال الصغار، لكن الأمر سيكون ممتعًا."

يرافق يوشوا في مهمته سبعة مشرفين آخرين يعملون جميعًا بشكل تطوعي. والدته، كاترين هايندورف، التي اعتادت توديع ابنها في مثل هذه الرحلات، ترى فيها فرصة مزدوجة. فهي لا توفر فقط لأطفالها تجربة عطلة حقيقية، بل تشكل أيضًا متنفسًا لها كأم عزباء. تقول: "يساعدني ذلك كثيرًا، إذ أطمئن إلى أن طفلي يقضي إجازة سعيدة ومعتنى به خلال ستة أسابيع من العطلة. إنها عطلة لا أستطيع تأمينها بنفسي. ومن الناحية الزمنية، إنها فرصة ثمينة. بالطبع أشتاق له، لكنني في الوقت نفسه سعيدة بقضاء ثلاثة أسابيع أعتني فيها بنفسي".

تتكفل مدينة هامبورغ بمعظم التكاليف، ما يجعل العطلة الصيفية ممكنة حتى للعائلات التي لا تستطيع تحمل مثل هذه المصاريف. ويستفيد أيضًا الأهل من هذه المبادرة، كما يوضح يان كوردت، والد أحد الأطفال المشاركين: "الحياة اليومية تستمر بالنسبة لنا، ومن الجيد أن يكون الأطفال منشغلين بنشاط مفيد. لدينا أطفال آخرون أيضًا، لذا نشعر بشيء من الراحة".

رحلات مشابهة تقام في ولايات ألمانية أخرى، بتمويل من البلديات، والولايات، ومنظمات خيرية عبر التبرعات. الحاجة لهذه البرامج كبيرة للغاية؛ ففي هامبورغ وحدها، يسافر هذا الصيف نحو 1000 طفل مع "جمعية الترفيه الشبابي". وتشير بيانات "رابطة الرعاية الاجتماعية البارتيتية" إلى أن طفلاً من بين كل خمسة في ألمانيا يعيش تحت خط الفقر.

مدير جمعية دعم الطفولة الألمانية، هولغر هوفمان، يقول إن الإجازة الصيفية تمثل عبئًا ثقيلًا بشكل خاص على العائلات ذات الدخل المنخفض. ويضيف: "العطلة مهمة جدًا للأطفال. فهم بحاجة إلى الراحة، خاصة إذا كانوا يعيشون في أوضاع عائلية صعبة أو في أحياء فقيرة. وفي المقابل، يشعر الأهل بالقلق، لأنهم لا يملكون مدخرات لقضاء عطلة، حتى ولو كانت قصيرة على شاطئ البلطيق".

حتى البرامج البسيطة في المنزل قد تصبح عبئًا إذا كان الدخل محدودًا، وفق هوفمان، فـ"زيارة إلى السينما أو إلى المسبح قد تكون باهظة. وهذا يشعر الأطفال بالإحباط، ويدفعهم أحيانًا إلى قضاء الإجازة أمام الهاتف أو الجهاز اللوحي أو أجهزة الألعاب، بدلًا من الاستمتاع بوقتهم مع أصدقائهم".

واجه يوشوا والمجموعة التي تضم 23 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 8 و11 عامًا بعض التحديات منذ البداية؛ إذ تعين عليهم الانتظار ساعة بسبب تغيير القطار، فضلًا عن حقائب السفر الثقيلة. لكنه يقول: "المهم أن الجميع الآن داخل القطار، وهذا الأهم". وبينما تقطع المجموعة رحلتها بالقطار التي تستغرق أربع ساعات نحو زيلت، يتلاشى التوتر شيئًا فشيئًا، وتبدأ أولى صداقات العطلة في التشكل.

يقول الطفل نواه (9 أعوام): "أنا سعيد، لأن أهلي سيحصلون على استراحة منا أيضًا"، بينما يضيف داميان (10 أعوام): "سعيد لأني سأتعرف على أطفال جدد". وعند الوصول إلى المخيم التابع لجمعية الترفيه في جنوب جزيرة زيلت، يقول يوشوا ضاحكًا: "سأكون سعيدًا حين ينام الجميع، لأتمكن من النوم أيضًا". لكن البداية لا تزال في أولها: تفريغ الحقائب، تناول الطعام… ومن ثم تبدأ العطلة فعليًا.

مشاركة المقال: