الخميس, 11 سبتمبر 2025 04:34 PM

هروبًا من حرارة العاصمة: منتزهات ريف دمشق ملاذ العائلات بأسعار معقولة

هروبًا من حرارة العاصمة: منتزهات ريف دمشق ملاذ العائلات بأسعار معقولة

عنب بلدي – كريستينا الشماس أصبحت المنتزهات العامة في ريف دمشق وجهة مفضلة للمواطنين خلال فصل الصيف، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة وغلاء أسعار المطاعم، بالإضافة إلى الازدحام في العاصمة دمشق وقلة المساحات الخضراء. يفضل الكثيرون قضاء وقت ممتع في الطبيعة، بحثًا عن مكان مفتوح واقتصادي يجمع العائلة ويوفر أجواء من الراحة والخصوصية بأسعار تناسب الدخل المحدود.

شهدت محافظة ريف دمشق في السنوات الأخيرة زيادة في عدد المنتزهات في بعض المناطق التي تحتوي على مساحات خضراء واسعة في بساتينها، مثل صحنايا وجرمانا والزبداني. وقد استثمر أهالي هذه المناطق في هذه المنتزهات لتوفير خيار ترفيهي يناسب شريحة واسعة من المواطنين.

إقبال متزايد

يعود تزايد الإقبال على المنتزهات العامة كخيار ترفيهي بديل عن المطاعم والمقاهي المغلقة إلى التكاليف المعقولة وتوفر المساحات المفتوحة التي تتيح أجواء اجتماعية مريحة. وقال مدير منتزه “جنة العين” في منطقة الزبداني بريف دمشق، عبد الله المرعي، لعنب بلدي، إن الإقبال على المنتزهات، خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، أصبح ملحوظًا في الأشهر الأخيرة.

وأرجع المرعي هذا الإقبال إلى عدة عوامل، أبرزها الأسعار المقبولة التي تبدأ من 15,000 ليرة سورية للشخص الواحد في الأيام العادية، وتصل إلى 30,000 ليرة سورية في نهاية الأسبوع، بالإضافة إلى أن المنتزه يوفر مساحات واسعة غير مغلقة، مما يخلق أجواء مناسبة لتدخين “الأراكيل” وتنظيم جلسات طويلة ضمن خصوصية مناسبة. وأشار المرعي إلى وجود أماكن مخصصة للأطفال، مما يجعله خيارًا مثاليًا للعائلات الباحثة عن استراحة مطولة تناسب أطفالها، دون الحاجة إلى دفع تكاليف باهظة كما هو الحال في المطاعم. كما يمكن للزبائن طلب الطعام و"الأراكيل" من المنتزه وبأسعار مناسبة، بحسب المرعي.

جلسة بدولارين

أصبح الفرق الكبير بين أسعار المطاعم وتكاليف الترفيه في المنتزهات دافعًا رئيسيًا لزيارتها من قبل العديد من العائلات. علي حيدر، وهو رب عائلة من سكان دمشق، التقى به فريق عنب بلدي في أحد منتزهات الزبداني، وقارن الفرق الكبير في التكلفة بين الخروج إلى مطعم وقضاء الوقت في أحد المنتزهات. وأوضح علي أن جلسة واحدة في مطعم متوسط الخدمة قد تكلف أكثر من 500,000 ليرة سورية، مقابل وجبة واحدة وبعض المشروبات، بينما في المنتزه يستطيع الجلوس مع عائلته لأكثر من أربع ساعات مع طعامه و"أركيله" الخاصة بأقل من دولارين (20,000 ليرة سورية) للشخص الواحد.

يجعل التفاوت الكبير في التكاليف المنتزهات خيارًا واقعيًا لشريحة واسعة من السوريين الذين لا يستطيعون تحمل الأسعار "الخيالية" للمطاعم، حتى تلك التي تصنف على أنها "شعبية"، حيث لم تعد تكاليف الأكل في المطاعم تقتصر على الوجبة فقط، بل تشمل أجور الجلوس ورسوم الخدمة وأحيانًا ضريبة غير معلنة.

حرية أكبر ومساحات أوسع

تجد ريم هندية، وهي أم لثلاثة أطفال، أن المنتزهات لا توفر فقط الأسعار المعقولة، بل تقدم أيضًا حرية في التصرف. وقالت ريم: "أدخل معي كل شيء من طعام وشراب وأركيلة، وأجلس بين الأشجار وفي الهواء الطلق، وأطفالي يلعبون في الحدائق والألعاب دون قيد".

توفر المنتزهات مساحة من الحرية في التصرف غير متاحة في معظم المطاعم، وهو ما يلقى قبولًا لدى العائلات السورية الباحثة عن خصوصية وراحة أكبر. وترى ريم أن مثل هذه الحرية غير متوفرة في المطاعم، حيث لا يسمح بإدخال أي شيء من الخارج، وغالبًا ما تكون الأماكن مغلقة ومزدحمة وتفتقر إلى خصوصية العائلة، بالإضافة إلى الغلاء.

وصفت رشا عثمان تجربتها في المنتزهات قائلة: "أبتعد عن ضجيج العاصمة وضغوط العمل"، وأضافت أن منتزهات ريف دمشق، أو حتى الموجودة على أطراف المدينة، أصبحت عادة أسبوعية لعائلتها.

غياب الدعم

على الرغم من محدودية الموارد والإقبال المتزايد على بعض المنتزهات، إلا أن هذا القطاع يثبت أهميته ويبحث عن دعم حكومي. تحدث فادي حداد، مدير منتزه “ميّل” في منطقة صحنايا بريف دمشق، عن الصعوبات التي تواجهه، مشيرًا إلى عدم وجود جهود حكومية داعمة لمنتزهات المنطقة. وشرح حداد طبيعة الأماكن التي تكثر فيها المنتزهات، والتي تكون غالبيتها في البساتين، ومعظم طرقها تفتقر إلى "التزفيت"، مما يعرقل وصول بعض السيارات إلى المنتزه. ونوه حداد إلى أن التحدي الأكبر هو الحفاظ على مستوى مقبول من الخدمات مع تزايد عدد الزوار، داعيًا الجهات المعنية إلى تقديم تسهيلات للمستثمرين في هذا القطاع الحيوي، لضمان استدامته وتطوره.

مشاركة المقال: