تتفاقم الأزمة الإنسانية في محافظة السويداء جنوبي البلاد، وسط معاناة قاسية للسكان المدنيين، وذلك منذ سيطرة المجموعات الخارجة عن القانون على المحافظة وتهجير سكانها من البدو. تشهد المنطقة منذ أكثر من أسبوع نقصاً حاداً في المواد الأساسية، مثل الماء والمواد الغذائية والمحروقات، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء، مما أدى إلى ظهور طوابير طويلة أمام الأفران ومحطات الوقود.
حذر وزير الإعلام، حمزة المصطفى، في تصريحات له مساء أمس الأحد، من استغلال حياة المدنيين واحتياجاتهم الأساسية، مؤكداً على ضرورة إبعادها عن أي توظيف سياسي لتحقيق أجندات معينة، ورفض "التشفي أو السخرية من معاناة أهلنا في السويداء".
يقول حسام نجار، المحلل السياسي السوري، لحلب اليوم، إن "موضوع التشفي ممجوج مرفوض، لكنه تعبير عن رفض الشعب السوري برمته لطلبات الهجري وعصابته ومن والاه، فكيف تريد كانتونك الخاص وأنت ليست لديك القدرة على البقاء والاستمرار؟ كيف تحارب وتقتل الناس وأنت تحصل على الرواتب والتوظيف على حسابهم؟ كيف تستقوي بمن يقتلهم وتريد منهم السكوت؟ فرغم رفض التشفي إلا أنه حالة طبيعية نتيجة تألم الناس ومعاناتهم ورفضهم لما يحصل".
أطلق العديد من الأهالي والمسؤولين الحكوميين مناشدات وتحذيرات من قرب نفاد كميات الطحين والمحروقات اللازمة لتشغيل خطوط إنتاج الخبز بالسويداء وريفها، الذي بات مهدداً بالتوقف التام قريباً. كما ارتفعت أسعار المواد التموينية الأساسية والخضار والفواكه، مع انخفاض كمياتها في الأسواق بشكل مستمر، نتيجة إغلاق طريق دمشق – السويداء، الذي تسيطر عليه المجموعات الخارجة عن القانون في الجزء الممتد ضمن المحافظة.
أكد المصطفى أن "تجريم خطاب الكراهية والتحريض الطائفي، أياً كان مصدره، يعد أولوية وطنية مع التأكيد على ضرورة تطبيق العقوبات الرادعة بحق المحرّضين والمسيئين دون انتظار إقرار قوانين جديدة من مجلس نيابي شعبي، والانطلاق من بعض مواد القوانين السارية حرصا على التماسك المجتمعي ووحدة النسيج الوطني".
يرى نجار أن "الشرخ الاجتماعي الحاصل بدأ مع وجود النظام البائد وازداد رويداً رويداً حتى أصبح هوة كبيرة لا يمكن تداركها بسهولة وعلى المدى القصير فلا بد والحالة هذه الانتهاء من تداعيات الاستقواء بالكيان أولاً وعودة السويداء لحضن سوريا، وتجريم من قتل الناس والأمن العام ومعاقبة أصحاب الانتهاكات وبناء عقد اجتماعي جديد يقوم على أساس القانون ودولة المؤسسات ويحدد بشكل دقيق ما للفرد والمجموعات من حقوق وواجبات تليها حوارات معمقة للوصول لردم هذه الهوة".
أدان وزير الإعلام "الحملات الدنيئة لبعض الموتورين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي التي تتعمد التشفي أو السخرية من معاناة أهلنا في السويداء جراء الأزمة الأخيرة في تكرار مرفوض لتكرار الخطاب الأسدي القائم على الإقصاء والتحريض". وأعرب عن رفضه "التصرفات المتهورة لبعض المجموعات الخارجة عن القانون، والتي تسعى إلى الاستثمار في الأزمات الاجتماعية والسياسية خدمة لأهداف انعزالية عبر ادعاء وجود حصار تفرضه الحكومة السورية".
يعتبر نجار أن "السويداء في هذه المرحلة نقطة ارتكاز أساسية في بناء سوريا الجديدة المستقبلية القائمة على وحدة الأراضي وحرية التعبير والقدرة على مواجهة العقبات وتخطيها والسير بخطوات ثابتة على أرض يجب أن تكون صلبة، فلا يمكن البناء والأرض تميل أو تشوبها شائبة انفصال أو تعاون وتلاحم مع العدو أو تنفيذ لأجندات خارجية على حساب البشر و الحجر، من هذا المنطلق تعتبر السويداء الركيزة لأن ما يحصل سيكون هو المحدد الأساسي لمستقبل سوريا".
أما "الاستقواء بالكيان فلا يجلب لأهله سوى العار وعندما يفكر هؤلاء بمن سبقهم وتعاونوا مع هذا الكيان يدركون حجم ما وصلوا له من ذل وعار ودونية، نعم دونية لأن الكيان في تصريحات عديدة لمسؤولين لديهم يعتبرون الدروز مواطنين من الدرجة الدنيا، أما أن تحصل السويداء على فيدرالية أو كانتون فهذا مستبعد فهي ستكون الدافع لبعض المناطق لأن تعمل بالمثل فما هي فائدة الدولة من هذا الكانتون إن كانت السويداء لا تمتلك مقومات البقاء أو بالأحرى ليس لديها ما تعطيه للدولة كبقية المناطق فهي مستهلكة بالدرجة الأولى وليست منتجة، بينما يقول الهجري: مسؤوليتكم دفع الرواتب والتوظيف ومسؤوليتنا إدارة السويداء".
ترفض تلك المجموعات، بتعليمات من حكمت الهجري، السماح بدخول المسؤولين الحكوميين مع قوافل المساعدة الإغاثية، فيما تطالب على نحو مستمر بإرسال المزيد منها، وتوزع فرق الهلال الأحمر السوري مساعدات إغاثية على بعض العائلات المتضررة من الاشتباكات أو الأشد فقراً، لكن تلك المساعدات لا تغطي سوى نسبة محدودة من الاحتياجات.
بدأت منظمات دولية تجهيز قافلة مساعدات إنسانية، صباح اليوم، بالاشتراك مع الحكومة السورية، للدخول إلى السويداء من معبر بصرى الشام، تضم مواد غذائية وطبية وسلال إيواء و200 طن من الطحين.
وقال محافظ السويداء، مصطفى البكور، إن تلك القوافل تدخل إلى المحافظة يومياً وبشكل طبيعي من جهة بصرى الشام في ريف درعا، ولا توجد أي إعاقة في حركة المرور، والطريق سالك أمامها، مضيفاً أن الورشات الفنية والخدمية تواصل في الوقت ذاته أعمالها على قدم وساق، لإعادة تأهيل بعض المقاطع المتضررة في الطريق، وضمان عودة الحركة الطبيعية إلى كل أرجاء المحافظة، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية لضمان سلامة المواطنين وتيسير تنقلهم بشكل آمن.
أكد البكور أن الاستجابة الإنسانية مستمرة للمنطقة الجنوبية، حيث نقلت قوافل المساعدات 96 طنا من الطحين، و85 ألف ليتر من المازوت للمشافي والأفران ومؤسسة الاتصالات، ومعدات ومستهلكات جراحية تكفي لـ 400 عملية جراحية، وأدوية ومستهلكات طبية، ومواد تغذية ومساعدات إغاثية، مشيراً إلى إدخال محروقات للمحافظة من قبل وزارة الطاقة يومياً.