الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 05:11 AM

تحذيرات من تصادم محتمل بين العشائر السورية وقسد بسبب جمود الحل السياسي

تحذيرات من تصادم محتمل بين العشائر السورية وقسد بسبب جمود الحل السياسي

حذر الشيخ حمود الفرج، عضو مجلس العشائر السورية، من احتمالية وقوع تصادم مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وذلك نتيجة لحالة الاستعصاء السياسي التي تشهدها مناطق شمال وشمال شرقي سوريا، بسبب ما وصفه برفض قسد الانخراط في أي حلول. جاء هذا التحذير عقب اجتماع عقده قائد قسد، مظلوم عبدي، مع قادة عسكريين، ورؤساء المجالس المحلية، ووجهاء عشائر من محافظة دير الزور، يوم الأحد الماضي، لبحث إمكانية تسليم المحافظة للحكومة السورية.

وذكرت تقارير إعلامية أن عبدي رفض خلال الاجتماع تسليم أي مناطق للحكومة أو حل الإدارة الذاتية إلا بشروط، وهو ما نفاه المتحدث الإعلامي باسم "قوات سوريا الديمقراطية"، فرهاد شامي، واصفاً هذه المزاعم بأنها "كاذبة ولا تمت للواقع بصلة، وتعكس نوايا خبيثة تهدف إلى إثارة الفوضى".

وفي هذا السياق، أوضح حسام نجار، المحلل السياسي السوري، لحلب اليوم، أن واشنطن "لطالما ضغطت على قسد ووجهتها باستمرار للعمل مع الإدارة السورية الجديدة، وقد تجلى ذلك بوضوح في لقاء 10 مارس الماضي. الجميع يعلم أن قسد لا تعمل بشكل مستقل، بل بتوجيه وتحكم من أمريكا والكيان الصهيوني. حتى الاجتماع الذي عُقد أمس مع المجالس المحلية والعشائر يندرج ضمن هذا الضغط". وأضاف أن "تصريحات مظلوم عبدي وفوزة اليوسف المتناقضة باستمرار تهدف إلى كسب الوقت حتى الانتهاء من موضوع السويداء، وبناءً عليه يتم تحديد الموقف الرئيسي. لذلك نرى هذا التلاعب والمماطلة في تسليم السلاح وسيطرة حكومة دمشق على كامل المنطقة، على الرغم من وجود عناصر للأمن العام داخلها. أقول إن السويداء هي الركيزة الأساسية لبناء دولة واحدة مستقرة، والعشائر بعد تجمعها ووصولها إلى السويداء أصبحت لديها القدرة على الوقوف في وجه قسد، خاصة وأن رأس الحربة في قوات قسد من العشائر، لذلك تدرك قسد أن تسليم السلاح سلمياً هو الأفضل".

وكان عبدي قد صرح، قبل يومين، بأن الإدارة الذاتية ستعقد لقاءات مع الحكومة السورية بهدف تسليم مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسات العسكرية، بدءاً من محافظة دير الزور، على أن تتبعها محافظتا الرقة والحسكة.

وأكد الفرج، في تصريحات لجريدة "الشرق الأوسط"، أنه "ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي، فستتجه الأمور إلى التصادم"، مؤكداً التزام العشائر بقرارات الدولة السورية، ومشيراً إلى عدم وجود رغبة لدى أي طرف في "توريط المنطقة بحرب عشوائية"، ومشدداً على عدم تكرار ما حصل في مناطق سورية أخرى في حال تفاقم الاستعصاء.

وكشف عن أن الاجتماع الذي كان من المزمع عقده في باريس بين الحكومة السورية وقسد، والذي قيل إنه تأجل، قد أُلغي لأن دمشق لا ترغب في عقد الاجتماع في فرنسا، وسط "تحفظ من العشائر على دورها المنحاز إلى جانب قسد". وذكرت مصادر للصحيفة أن الاجتماع، الذي كان مقرراً عقده في باريس، تأجل، متوقعة انعقاده لاحقاً، ولكن ليس على مستوى القيادات، مؤكدة أن التأجيل جرى بطلب من التحالف الدولي الذي أبلغ قسد بالقرار رسمياً.

ويرى نجار أن هناك "داخل قسد خطان؛ خط واضح ظاهر للعيان يرفض الانضمام للدولة السورية ويجاهر بهذا الأمر ولكنه لا يملك القرار الأساسي داخل قسد، وخط ثان بنى علاقاته على خطوط عديدة يحاول أن يلعب سياسة مع عسكرة ويتلاعب بالمواقف للوصول إلى ما يريد أو ما عليه الموقف النهائي. وبنفس الوقت أمريكا تترك شعرة معاوية في تصريحاتها فتارة تقول انضمام قسد للدولة السورية ضروري للاستقرار ووحدة البلاد وتارة أخرى تقول إن قسد مهمتها القضاء على داعش وهذه أصبحت تنشط مرة جديدة ويجب إعطاء خصوصية لقسد، من خلال هذا نجد قسد تتلاعب بالمواقف وتصريحات توماس باراك واضحة!"

وحول ما تملكه الحكومة السورية من مفاتيح للحل، قال الكاتب والمحلل السياسي السوري، إنها "تملك النفس الطويل الذي يمكنها من الاستمرار في نهجها ولديها أوراق فاعلة في هذا الأمر وجدنا بعضها في الساحل وكذلك في السويداء وورقة العشائر هي إحدى أهم الأوراق فكما قلت إن رأس الحربة العسكري في قسد هم من القبائل، كذلك الموقف التركي وجهوزية طيرانه ضد قسد، كذلك الموقف الإقليمي والدولي من موضوع قسد والرغبة بمنطقة مستقرة لذلك الحكومة السورية غير مستعجلة تنتظر انتهاء ملف السويداء لتلتفت إلى قسد".

وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، قد التقى مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، والأميركي ماركو روبيو، في باريس، منذ يومين، لبحث الملف. ووقعت مجموعات من المقيمين في منطقة الجزيرة العربية، على بيان إحاطة تم توجيهه للاجتماع، أكدت فيه أن الواقع الذي تعيشه منطقتهم لم يعد يحتمل التأجيل أو التجاهل، وأن قسد فرضت نفسها في المنطقة على أنها سلطة أمر واقع، وكرست الامتيازات لمكون واحد على حساب المكونات العربية والكردية والتركمانية والسريانية والأشورية والأرمنية، لافتين إلى أن "واقع الحريات لم يختلف كثيراً عما كان عليه في زمن النظام البائد… فمعتقلو الرأي كثر، والتعددية تُقمع، وكل من يعترض يتعرض للاعتقال والتهميش… والأخطر هو التوظيف المكشوف لورقة الأقليات واستخدامها أداة لتفكيك ما تبقى من نسيج وطني مشترك، تزامناً مع دعم جهات عسكرية خارجة عن القانون، سواء بالساحل وفي الجنوب السوري".

ورفض بيان الإحاطة دمج قسد في مؤسسات الدولة مطالبا بحل الأجهزة الأمنية المرتبطة بالإدارة الذاتية، وإعادة جميع الموارد الوطنية والمؤسسات العامة للدولة، وإلغاء التجنيد القسري لأبناء المنطقة، ومنع اختطاف النساء تحت أي ذريعة، وتفكيك معسكرات التدريب التي تحتضن فلول النظام السابق، ومكافحة تجارة المخدرات، وضمان عودة آمنة للمهجرين قسراً لأسباب سياسية أو قومية.

وكان مدير إدارة الشؤون الأميركية بوزارة الخارجية السورية، قتيبة إدلبي، قد أكد في وقت سابق، عدم تسجيل أي تقدم بشأن تنفيذ الاتفاق الموقع في 10 آذار الماضي، بين الحكومة السورية وقسد، مشيرا إلى وجود تفاهم تام بين واشنطن والحكومة السورية في ملفات مختلفة، بما فيها ضرورة استكمال الخطوات التي من شأنها الحفاظ على وحدة سوريا.

مشاركة المقال: