بينما يتبادل أبناء محافظة السويداء والحكومة السورية الاتهامات بشأن إعاقة دخول المساعدات، تتفاقم الأوضاع المعيشية. فهل تنجح القوافل الإنسانية في كسر طوق العزلة؟
باريس- دخلت يوم أمس الخميس القافلة الإنسانية الخامسة إلى محافظة السويداء، والتي وصفت بأنها "الأكبر" منذ اندلاع الأحداث الدامية في منتصف تموز/ يوليو الماضي. القافلة التي ضمت 40 شاحنة محملة بالاحتياجات الضرورية للعائلات ومواد لدعم الخدمات الحيوية، وفقًا لما ذكره الهلال الأحمر العربي السوري. كما تضمنت القافلة أبراجًا ومحولات وكابلات كهرباء لصالح الشركة العامة لكهرباء محافظة السويداء، بهدف استبدال الأبراج المتضررة وإصلاح الأعطال.
في المقابل، أمضى طارق سليمان (اسم مستعار) أكثر من ست ساعات بحثًا عن ربطة خبز لعائلته في ريف السويداء الشرقي، دون جدوى. تعاني محافظة السويداء من شح في المواد الأساسية، ويتهم الأهالي الحكومة السورية بفرض حصار أو تشديد على دخول السلع، وهو ما نفاه المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، معتبرًا ذلك "محض كذب وتضليل".
وأشار المتحدث إلى أن الحكومة فتحت ممرات إنسانية لإدخال المساعدات بالتعاون مع منظمات محلية ودولية، متهمًا "المجموعات الخارجة عن القانون" باستغلال الأزمة الإنسانية. وكان الشيخ حكمت الهجري، أحد مشايخ عقل الطائفة الدرزية، قد اشترط دخول مساعدات الهلال الأحمر والمنظمات الدولية فقط، رافضًا دخول القوافل بمرافقة وفد حكومي.
وشهدت الأسابيع الماضية مواجهات بين مجموعات درزية وعشائر بدو السويداء، وتدخلت القوات الحكومية في 14 تموز/ يوليو لفض النزاع، بحسب الرواية الحكومية. إلا أن البعض اعتبر ذلك محاولة لفرض السيطرة على المحافظة، مما أدى إلى جولة جديدة من المواجهات. ووفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، تسببت الأحداث بمقتل ما لا يقل عن 814 شخصًا وإصابة أكثر من 903 آخرين حتى 23 تموز/ يوليو.
أسواق شبه فارغة
يصف حسان أبو عسلي الوضع في مدينة السويداء بأنه معاناة يومية بسبب فقدان غالبية المواد والسلع الأساسية، متهمًا الحكومة السورية بـ"حصار السويداء، تحت شعار الجوع أو الركوع". وتؤكد سحر ناصر (اسم مستعار)، ناشطة إعلامية، أن "الوضع الإنساني مزري للغاية، وغالبية السلع باتت مفقودة".
وتشهد السويداء أزمة حادة في توفير مياه الشرب، بعد خروج 98 بئر مياه جوفية ومحطة ضخ رئيسية عن الخدمة، بحسب مدير مؤسسة المياه في السويداء المهندس مثنى أبو عساف. ونتيجة لذلك، ارتفع سعر صهريج المياه سعة 35 برميل إلى 500 ألف ليرة سورية.
من يحاصر السويداء؟
يرى سليمان أن هناك "تأخير وتعطيل في دخول المساعدات من قبل الأمن العام ومقاتلي العشائر"، منتقدًا فتح المعابر من جهة محافظة درعا بدلًا من طريق دمشق-السويداء. في المقابل، نفى الصحفي عماد البصيري حصار دمشق لمحافظة السويداء، مؤكدًا أن "المعابر مفتوحة"، لكن "الهجري اشترط دخول المساعدات التي تحمل شعار الهلال الأحمر السوري أو المنظمات الدولية".
وذكر مسؤول ميداني من الهلال الأحمر السوري بدرعا أن فرق منظمته "تعمل على تقديم دعم متوازن لأبناء محافظة السويداء"، وعزا الأزمة الإنسانية إلى "رفض البعض دخول المساعدات الحكومية".
حالة من العزلة
يشير ناشطون سوريون إلى بيانات صادرة عن شركات وتجار تدعو إلى مقاطعة التعاملات التجارية مع أهالي وتجار السويداء، مما خلق حالة من العزلة. ويؤكد الصحفي البصيري أن السويداء "دخلت في حالة من العزلة مع محيطها".
وبغض النظر عن الأسباب، يعيش أبناء المحافظة ظروفًا إنسانية صعبة، تزيد من حدتها نزوح مئات العائلات من ريفي السويداء الشمالي والغربي إلى المدينة.