كشفت الهيئة العامة للرقابة والتفتيش عن قضية فساد تعود لأحد الوزراء السابقين، ظلت حبيسة الأدراج منذ عام 2023 بسبب نفوذه. التحقيقات أظهرت تورط الوزير في هدر ما يقارب 46 مليون متر مكعب من الغاز خلال سنة ونصف السنة، أي ما يعادل 4.6 ملايين دولار أمريكي.
يعود سبب الهدر إلى تعطيل الوزير لعمل شركة فنية كانت تقوم بصيانة أحد حقول الغاز في تدمر، وذلك بسبب علاقة الشركة القوية مع الوزير الذي سبقه ومع مسؤول آخر كان على خلاف شخصي معه. هذا الفساد حرم السوريين من كميات كبيرة من الغاز في وقت كانوا يعانون فيه من نقص حاد في هذه المادة الحيوية.
تسبب هذا النقص في معاناة المواطنين لتأمين الغاز المنزلي، حيث كانت الطوابير تمتد أمام المعتمدين، وأحياناً كانوا يضطرون لشراء الغاز من السوق السوداء بأسعار باهظة. كما أدى إلى نقص في إنتاج الكهرباء، حيث وصلت ساعات التقنين إلى 10 ساعات متواصلة.
أوضح نائب رئيس الهيئة، عصام الخليف، أن فساد الوزير المدعو "ع-غ" أدى إلى هدر يومي يقارب 150 ألف متر مكعب من الغاز، وذلك من عام 2018 وحتى الشهر العاشر من عام 2020، من أحد حقول الغاز في بادية تدمر. ونتيجة لذلك، تم هدر ما يقارب 46 مليون متر مكعب من الغاز خلال هذه الفترة، مما تسبب بخسائر مالية تقدر بـ 4.6 ملايين دولار، بالإضافة إلى خسائر إضافية تجاوزت 138 مليون ليرة سورية نتيجة لتبدل سعر الصرف خلال فترة تجميد عمل الشركة الفنية المسؤولة عن صيانة الحقل.
تم الحجز على أموال الوزير وزوجته، وإحالته إلى القضاء. وفي تفاصيل القضية، أشار الخليف إلى أنه بعد سيطرة قوات النظام البائد على القسم الشرقي من بادية تدمر، تبين وجود تسرب هائل للغاز في المحطة الموجودة بكميات كبيرة تصل إلى 150 ألف متر مكعب يومياً. واستمر هذا الهدر لمدة سنة ونصف السنة بسبب تعطيل الوزير لأعمال الشركة الفنية المتعاقدة مع شركة الغاز.
التحقيقات أكدت أن الوزير عطل أعمال الشركة الفنية بسبب علاقتها الطيبة مع الوزير الذي سبقه ومع مسؤول آخر كان على خلاف معه. وبعد أن باشرت الشركة أعمال الصيانة، صدر أمر من الوزير بإيقاف أعمالها نتيجة الخلافات الشخصية. بدأ الوزير يتحجج بالبحث عن مخالفات قديمة متعلقة بالشركة لتبرير إيقاف أعمالها.
على الرغم من مراسلات شركة الغاز المتكررة للوزير بضرورة استمرار الشركة الفنية في عملها، إلا أنه أصر على موقفه. تم تشكيل لجنة فنية في الشهر الثامن من العام 2020، وتم الاستعانة بخبراء ومهندسين مستقلين، نظراً لعدم جرأة مهندسي الدولة على العمل مع اللجنة بسبب نفوذ الوزير وعلاقاته الوثيقة مع شخصيات نافذة. تم إعداد تقرير كامل ومفصل في الهيئة في عام 2023، إلا أنه بقي حبيس الأدراج بسبب علاقات الوزير.
تمت إحالة الملف إلى القضاء بموجب قانون العقوبات الاقتصادية الصادر في عام 2013 بتهمة الامتناع عن تنفيذ التزامات اقتصادية وهدر المال العام. سيقوم القضاء باتخاذ الإجراءات القانونية بحق الوزير، بما في ذلك التحقيق معه والحجز الاحتياطي على أمواله وأموال زوجته المنقولة وغير المنقولة لضمان تسديد المبلغ المهدر.
توجد أدلة تثبت تورط الوزير في هذا الملف، بما في ذلك المراسلات الموجودة وإفادات الوزير الذي جاء بعده، والذي كان مدير مؤسسة النفط في ذلك الوقت، بالإضافة إلى إفادات آخرين معنيين في هذا الملف.