الخميس, 7 أغسطس 2025 03:18 AM

حملات إعلامية مضللة: تضخيم للأحداث وتهويل مقصود قبيل جلسة الحكومة حول سلاح حزب الله

حملات إعلامية مضللة: تضخيم للأحداث وتهويل مقصود قبيل جلسة الحكومة حول سلاح حزب الله

بدأت الآلة الإعلامية المدفوعة تتحرك بالتزامن مع انعقاد جلسة الحكومة "المصيرية" بشأن سلاح "حزب الله"، محولةً الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحات لبث الأوهام وزرع الخوف.

لا يمكن إنكار أن لبنان يمر بأوقات عصيبة في ظل محاولات دفعه نحو الاستسلام لإسرائيل، لكن ما يحدث يتجاوز مجرد التغطية الإعلامية إلى خلق أحداث وهمية والتأثير على مسار الأحداث.

هذا التهويل الإعلامي، الذي تغذيه دول خارجية وأطراف داخلية، لم يعد مجرد أداة في معركة أكبر، بل تحول إلى سلاح رئيسي لإدارة المواجهة، خاصة بعد فشل الضغوط العسكرية في تحقيق أي تغيير في موقف المقاومة خلال الأشهر الماضية.

شهدت الأيام الأخيرة مثالاً واضحاً على ذلك، حيث تصدرت قناتا "الحدث" و"العربية" المشهد من خلال متابعة دقيقة للوضع اللبناني، مع تسريبات من "مصادر خاصة" وتحليلات مبالغ فيها حول فوضى قريبة، والإيحاء بأن الحزب يستعد لـ "تحركات شعبية فوضوية".

أما في الداخل، فقد انضمت بعض القنوات المحلية إلى الموجة نفسها، حيث التزمت MTV بخطها التحريضي من خلال دس السموم بين السطور، بينما أغرقت قناة "الجديد" الساحة اللبنانية بأخبار حصرية تهدف إلى ترسيخ فكرة وجود تهديد وجودي للبلاد في حال عدم الخضوع للشروط الخارجية.

مع اقتراب موعد جلسة الحكومة، تصاعدت وتيرة التهويل لتصل إلى اختلاق أحداث غير موجودة، من خلال شائعات ميدانية وفبركات ممنهجة. على سبيل المثال، انتشرت شائعة على تطبيق "واتساب" حول إرسال الحزب "ثلاثين شاحنة محملة بالردم" لإغلاق طريق المطار، بينما استغل التيار اليميني في لبنان مشاهد مواكب السيارات والدراجات النارية المؤيدة للمقاومة لتصويرها كتحركات تهدد الأمن، وهو ما ردده النائب نديم الجميّل قائلاً: "الشارع سيقابله شارع".

استمرت الحملات صباح أمس الثلاثاء، حيث تم تداول صور لـ "عناصر باللباس الأسود" بالقرب من أوتوستراد خلدة، ليتم تصويرها على أنها تحركات مسلحة، قبل أن يتبين أن هؤلاء مجرد موظفين في مطعم شهير يصورون فيديو احتفاليًا بوصول عدد متابعيهم إلى مليون.

هذه الحملات الإعلامية ليست جديدة على المشهد اللبناني، حيث اعتاد اللبنانيون منذ وقف إطلاق النار في آب (أغسطس) 2006 على موجات تهويل موسمية حول حرب إسرائيلية وشيكة، خاصة في فصل الصيف، لكن المفارقة هي أن التهديدات الإسرائيلية اليوم في أدنى مستوياتها منذ 18 عامًا، مع تراجع ملحوظ للملف اللبناني عن الخطاب السياسي والإعلامي الإسرائيلي.

على الجانب الآخر، يواصل المبعوثون الأميركيون لعب دور مكمل، كما فعل مورغان أورتاغوس وتوم برّاك. لوّح الأخير علنًا بأن لبنان قد يصبح "جزءًا من سوريا" إذا لم يسلم عناصر قوته العسكرية ويحول جيشه إلى "عناصر حفظ سلام"، في تلويح صريح بفرض حلول خارجية تحت التهديد.

وراء هذه الحملات الإعلامية غرفة عمليات منظمة تمول وتدير وتوجه مسارها، بهدف خلق واقع نفسي مواز يبقي اللبنانيين في حالة خوف دائم، ويجعلهم أكثر تقبلاً لحلول جاهزة، ولو مست السيادة الوطنية.

كما تسعى هذه الآلة إلى تقويض شرعية المقاومة عبر تحويل أي تحرك شعبي، مهما كان بسيطًا، إلى "تهديد أمني" يستدعي المواجهة، وهو ما حدث سابقًا في أحداث الطيونة (2021)، بالإضافة إلى ما حدث في خلدة في العام نفسه خلال تشييع جنازة.

هذه السرديات المصطنعة تمنح أيضًا الدول المانحة مبررًا للتدخل في الشؤون اللبنانية بذريعة "حماية الاستقرار"، فيما يُصرف النظر عن الأزمات الحقيقية: الانهيار المالي، وارتفاع الأسعار، وتجاهل الطبقة السياسية لهذه الكوارث لصالح التلهي بسيناريوهات الرعب وتوظيفها سياسيًا.

لكن الفجوة بين التهويل الإعلامي والواقع الميداني تكشف كل شيء؛ فالشوارع اللبنانية هادئة، والتحركات الشعبية غائبة، باستثناء تصريحات متفرقة من سياسيي الصف الثاني مثل الجميّل. هذا الفراغ دليل على أن التهويل الإعلامي ليس انعكاسًا لحالة فعلية، إنما هو محاولة لتعويض الفشل في تحريك الشارع وإيهامه بخطر وشيك.

مشاركة المقال: