في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم للإعلان عن أحدث الابتكارات والتقنيات والإبداعات، وطرح أجيال جديدة من التجهيزات والآليات في الأسواق، يسارع بعض التجار في سوريا لاستيراد الأنواع الرديئة والمنسقة وبيعها بأسعار مرتفعة، مستغلين حاجة الناس وغياب السوق المحلية عن آخر الابتكارات والتجهيزات لأكثر من عشر سنوات.
الأمر الأكثر غرابة هو توريد بعض الآليات والتجهيزات من دول الاستهلاك وليس من دول المنشأ. ومع الحديث عن نظام جديد لمكافحة التهريب والعقوبات المترتبة على التهريب، سواء كان تصديراً أم استيراداً، لا بد من مراجعة موضوع المواصفة القياسية السورية التي تم تخفيضها خلال سنوات الحصار والحرب إلى أدنى تصنيف، وذلك لقبول منتجات وتجهيزات لم يكن متاحاً الحصول على غيرها، أو لتمرير صفقات فساد، ولو على حساب صحة المواطن، وبأسعار توازي أسعار أحدث أجيال التجهيزات والتقنيات.
صحيح أننا أمام اقتصاد حر، ولكن هذا لا يعني تحويل البلد إلى مكب لخردة العالم. يجب مطالبة جميع الجهات بإعادة تقييم المواصفة القياسية السورية لمنتجاتها لضمان جودة المنتجات المحلية وعدم السماح بإدخال منتجات أقل جودة منها.
تعتمد أوروبا مواصفات قياسية عالية لا يُسمح بتوريد أو تصنيع أدنى منها مهما كلف الأمر، ولهذا السبب لا توجد في الأسواق الأوروبية منتجات رديئة، وذلك انسجاماً مع الاشتراطات الصحية والسلامة والاشتراطات البيئية التي تمنع تحويل دولها إلى مكبات للأجهزة الرديئة.
الأمر في الصين مختلف، فهي لا تضع مواصفة للإنتاج، وإنما تُصنّع حسب طلب الزبون، وهذا ما يستغله بعض التجار. ولكن لو كانت لدينا مواصفة عالية وضبط للأسواق لما امتلأت حاويات القمامة بالأجهزة المعطلة، ولما شاهدنا السيارات تجوب الشوارع لشراء الأجهزة المعطلة.
تمتلئ الأسواق الأوروبية بالمنتجات الصينية، ولكن بالمواصفة القياسية الأوروبية، وليس برغبة التجار، وهذا ما يجب تطبيقه في سوريا. حينها لن نرى منتجات غير صالحة للاستهلاك البشري، وأخرى منتهية الصلاحية، وثالثة تفتقر لأدنى عوامل الأمان والسلامة والاشتراطات البيئية.
إن تحويل مكبات القمامة إلى مناجم للمواد الأولية التي يُعاد تدويرها، هو نتيجة رداءة التجهيزات المستوردة التي يدفع المواطن ثمنها من جيبه وصحته وبيئته، ويدفع الاقتصاد ضريبتها باستنزاف القطع الأجنبي. وفقاً لما ورد في (أخبار سوريا الوطن2-الثورة) للكاتب معد عيسى.