الأحد, 10 أغسطس 2025 06:03 PM

تدهور الكفاءة: طلاب يديرون خبراء وأساتذة جامعات في المؤسسات السورية

تدهور الكفاءة: طلاب يديرون خبراء وأساتذة جامعات في المؤسسات السورية

في مشهد يثير القلق حول مستقبل الكفاءات في سوريا، كشفت مصادر خاصة عن خلل بنيوي خطير في إدارة المؤسسات السورية. الظاهرة المتنامية تتمثل في تولي طلاب الشريعة وبعض المتقدمين لامتحانات الثانوية العامة بصفة "أحرار" مناصب إدارية حساسة، مما يمكنهم من تقييم عمل أساتذة جامعات وخبراء مهنيين والتحكم بمساراتهم الوظيفية.

يروي أحد الأساتذة الجامعيين، القادم من دولة أوروبية ويحمل سيرة ذاتية دولية مرموقة، كيف فوجئ خلال اجتماع رسمي بأن المسؤول الذي يناقشه في ملف تقني حساس لا يحمل شهادة جامعية، بل يخطط لدراسة الماجستير بعد أن ينهي دراسة الشريعة.

المفارقة تتجاوز ذلك، ففي مؤسسة إعلامية بارزة، يقوم أحد الطلاب بإجراء مقابلات مع كبار الصحفيين، وتوزيع التعليمات، وصياغة الأخبار، واتخاذ قرارات بشأن استمرارهم في العمل. السؤال الأهم الذي يطرحه هذا الطالب خلال المقابلات ليس عن الكفاءة، بل "من أي منطقة؟"، مما يكشف عن تغليب الولاء المناطقي على الكفاءة المهنية.

وفي وزارة الطوارئ والكوارث، تم استبعاد خبراء الزراعة وأساتذة الجامعات من تقييم حرائق الساحل، رغم خبرتهم الطويلة في إدارة الكوارث. وخلال محاضرة في نقابة المهندسين بدمشق، اعترض أحد كبار المهندسين على المعلومات المغلوطة المقدمة، مؤكدًا أن أصحاب المهنة هم الأجدر بالحديث عن الحرائق، واضطر إلى مغادرة القاعة احتجاجًا.

هذه الحوادث المتكررة تؤكد أن عديمي الخبرة يديرون شؤون أصحاب الاختصاص، في ظل عقلية "من يحرر يقرر"، حيث يُستبدل التقييم العلمي بالولاء السياسي أو الطائفي. ورغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تشكيل الحكومة الجديدة ووجود وزارة للتنمية الإدارية، لا تزال هذه الظواهر مستمرة، مما يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الكفاءات في سوريا.

صحيح أن الولاء لا يتعارض مع الخبرة، لكن التعامل مع الملفات التقنية والمهنية يجب أن يكون بمنطق الكفاءة لا الانتماء. فإخماد الحرائق، على سبيل المثال، لا يحتاج إلى ولاء، بل إلى معرفة علمية ومهنية دقيقة.

لا يمكن أن يستمر تقييم أساتذة الجامعات من قبل طلاب لم يحصلوا بعد على شهادة جامعية. فالمؤسسات لا تُبنى بالولاء وحده، بل بالكفاءة والاحترام المتبادل بين أصحاب الخبرة والموقع الإداري.

(طلال ماضي - أخبار سوريا الوطن 1- (A2Zsyria

مشاركة المقال: