الأحد, 10 أغسطس 2025 10:37 PM

تصاعد الخطف في دير الزور: جريمة تهزّ السلم الأهلي وتستدعي تدخلاً عاجلاً

تصاعد الخطف في دير الزور: جريمة تهزّ السلم الأهلي وتستدعي تدخلاً عاجلاً

دير الزور – عبادة الشيخ: تتفاقم التحديات الأمنية في محافظة دير الزور وريفها، حيث أصبحت حوادث الخطف أداة للابتزاز المالي وتسوية النزاعات. وقد ازدادت هذه الظاهرة سوءًا نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية وضعف السلطة الأمنية في مناطق السيطرة المختلفة، مما دفع بعض الأفراد والجماعات إلى اللجوء إلى الخطف للحصول على فدية.

خطف وحرق طفلة: في أحدث هذه الحوادث، عثر الأهالي في بلدة محكان بريف دير الزور الشرقي، في 8 آب الحالي، على جثة الطفلة إسراء عطالله العواد الكرطة، بعد ساعات من فقدانها. وقد صدمت هذه الحادثة سكان البلدة، الذين وصفوها بالمأساوية، حيث عُثر على الجثة محترقة وعليها آثار تعذيب جسدي. وأفادت مصادر من البلدة عنب بلدي، بأن الطفلة تعرضت لاقتلاع عينيها قبل حرق الجثة. ووصف ناشطون هذه الجريمة المروعة بـ "الانتهاك الصارخ" لحقوق الطفولة والإنسانية، مما أثار موجة غضب واستياء في المنطقة. وأشار ناشطون إلى أن هذه الجريمة تسلط الضوء على الوضع الأمني المتردي في المنطقة وغياب الرادع، مما يفتح الباب أمام مثل هذه الجرائم البشعة. وطالب الأهالي بضرورة التحقيق الفوري في الحادثة وتقديم الجناة إلى العدالة.

يؤثر على السلم الأهلي: يؤثر هذا الوضع بشكل كبير على السلم الأهلي، ويهدد بتصاعد وتيرة العنف بين أبناء المحافظة، ويزيد من حالة انعدام الثقة بين السكان. وفي ظل انقسام السيطرة على المحافظة، يسعى وجهاء وشيوخ العشائر فيها إلى إيجاد حلول لهذه الأزمة. وتسيطر الحكومة السورية على القسم الواقع غرب نهر الفرات في دير الزور، بينما تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على الطرف الشرقي من النهر. وينتشر السلاح بكثرة بأيدي جماعات غير منظمة في كلا طرفي السيطرة، بعضها يتخذ طابعًا عشائريًا، وبعضها الآخر عصابات تمتهن السرقة والخطف لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة. ويجري عقد اجتماعات دورية للضغط على المجموعات المسلحة المسؤولة عن عمليات الخطف، وتلعب هذه الجهود دورًا أساسيًا في الحد من انتشار الظاهرة، على الرغم من محدودية تأثيرها في بعض الأحيان، خاصة عند تعلق دوافع الخاطفين بتجارة المخدرات أو خلافات شديدة.

جهود لا تكفي: من جانبه، يرى المحامي لؤي الأحمد، من مدينة دير الزور، أن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب أكثر من مجرد جهود محلية. فبالإضافة إلى تعزيز الحوار والتنسيق بين مكونات المجتمع المختلفة، لا بد من إيجاد حلول جذرية لمواجهة الأسباب الأساسية للخطف، مثل البطالة والفقر، بحسب المحامي. كما أن إنشاء آليات أمنية فعالة وتوثيق حالات الخطف وتحديد المسؤولين عنها يمكن أن يسهم في ردع هذه العصابات، إلى جانب توعية المجتمع بخطورة هذه الظاهرة والعمل على تقوية النسيج الاجتماعي في المحافظة.

أكثر من ثلاثة أشهر على اختطافه: قال أيمن العلاو، من أبناء بلدة غرانيج، إن قضية اختطاف الطفل عدنان يوسف النغيمش، من أبناء ريف دير الزور الشرقي، دخلت شهرها الرابع دون أي تقدم ملموس، وسط استمرار الغموض الذي يلف مصيره وتزايد حالة القلق لدى ذويه. وكان الطفل يوسف اختطف في وضح النهار من أمام منزل ذويه في بلدة غرانيج شرقي دير الزور، في 1 من أيار الماضي، في حادثة أثارت استنكارًا واسعًا وخلّفت صدمة لدى السكان، خاصة أنها وقعت في منطقة تخضع لسيطرة "قسد". ووفقًا لأيمن، تلقت عائلة الطفل تسجيلًا مصورًا جديدًا من الجهة الخاطفة، يظهر فيه الطفل وهو يناشد ذويه من أجل الطعام، في مشهد أثار حزنًا واسعًا وتفاعلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي. وذكرت العائلة أن الخاطفين جددوا طلبهم بفدية مالية قدرها 50,000 دولار أمريكي، مشترطين تحويلها إلى خارج البلاد دون وسطاء أو ضمانات، وهو ما ترفضه الأسرة بشكل قاطع. العائلة أشارت إلى ظهور شبهات قوية حول تورط عدد من الأشخاص، في ظل غياب أي إجراء حقيقي من قبل السلطات المعنية.

الأمن الداخلي يلاحق عمليات الخطف: على الجانب الآخر، تحاول وزارة الداخلية السورية ملاحقة عمليات الخطف في مناطق سيطرتها، إذ تعلن بين الحين والآخر عن عمليات تحرير مخطوفين. في 1 من آب الحالي، قال قائد الأمن الداخلي في محافظة دير الزور، ضرار الشملان، إنه تم القبض على مجموعة من أربعة أشخاص نفذت عملية خطف في دير الزور. وأضاف أن نتائج التحقيقات الأولية مع الأفراد الأربعة من العصابة المسلحة المتورطة بعملية خطف، تبين أن دوافع العملية تعود إلى الابتزاز المالي، إذ إن المجموعة الخاطفة طلبت فدية لإطلاق سراح المختطف. وكانت قوى الأمن ألقت القبض على مجموعة مسلحة، في 31 من تموز الماضي، بعد تلقيها بلاغًا حول قيام المجموعة باختطاف أحد المواطنين. وكشفت التحقيقات أن أحد عناصر الخلية المقبوض عليها يعمل قياديًا في صفوف "قسد"، وضبطت وثائق وثبوتيات بحوزته، تؤكد ارتباطه المباشر بتلك الجهة. وتتابع الجهات المختصة استكمال التحقيق مع الموقوفين، لكشف المزيد من الملابسات، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق كل من يثبت تورطه، أيًا كانت الجهة التي تقف خلفه، وفق الشملان. وأكد الشملان أنه تم تحديد مقر العصابة بعد عمليات التحري والرصد، فنفذت قوى الأمن الداخلي عملية أمنية، أسفرت عن تحرير المخطوف سالمًا، والقبض على أفراد المجموعة المسلحة وعددهم أربعة.

مشاركة المقال: