الإثنين, 11 أغسطس 2025 09:16 PM

السويداء تحت وطأة أزمة معيشية متفاقمة: نقص حاد في الموارد والخدمات الأساسية

السويداء تحت وطأة أزمة معيشية متفاقمة: نقص حاد في الموارد والخدمات الأساسية

يشهد الوضع الإنساني والخدمي في محافظة السويداء تدهورًا مستمرًا منذ بداية التوترات الأمنية في 12 تموز الماضي. وتواجه المناطق الجنوبية من المحافظة تدهورًا في الخدمات، ونقصًا في المواد الغذائية، وشحًا في السيولة المالية، وفقًا لما ذكره سكان محليون لـ عنب بلدي يوم الأحد 10 آب.

على الرغم من أن القرى والمناطق الجنوبية لم تشهد أي توترات أمنية أو اشتباكات، إلا أنها استقبلت موجات نزوح داخلي من أهالي الريف الغربي للبحث عن ملاذ آمن. تضررت المنازل في قرى وبلدات الريف الغربي نتيجة لأعمال تخريبية، بما في ذلك حرق المنازل والمتاجر، مما منع السكان من العودة إلى ديارهم.

أكثم عصفور، وهو مقيم في منطقة أم الرمان جنوبي السويداء، تحدث لـ عنب بلدي عن الوضع الخدمي والمعيشي في القرية، مشيرًا إلى النقص الحاد في المواد الغذائية والتموينية، وصعوبة الحصول عليها. وأوضح أن كل منزل في القرية يحصل على ستة أرغفة خبز فقط يوميًا، بغض النظر عن عدد أفراد الأسرة. وأضاف أنه منذ أسابيع لم يتمكن من توفير الخضراوات الكافية لعائلته المكونة من ثلاثة أفراد، إلا بكميات قليلة لا تتجاوز كيلوغرامًا واحدًا. كما يواجه صعوبة في الحصول على اللحوم الحمراء أو البيضاء، التي أصبحت نادرة في معظم المنازل.

وفيما يتعلق بالكهرباء والمياه، أشار أكثم إلى أن الكهرباء لا تتوفر إلا ساعتين في اليوم، وأن ضخ المياه قليل جدًا، مما يضطره إلى الاعتماد على بئر منزله لتلبية احتياجاته المائية.

حمزة علامة، وهو مقيم في مدينة السويداء، وصف الوضع المعيشي قائلاً: "أصبحت رفوف غالبية المحال التجارية في المدينة شبه فارغة، باستثناء مواد التنظيف". يعاني حمزة من صعوبة في الحصول على المواد الغذائية والتموينية، بالإضافة إلى نقص حصص الخبز، التي أصبحت تعتمد على إمداد أفران المدينة بالطحين. وأضاف: "تعتمد زوجتي على مؤونة المنزل (الأرز والعدس والبرغل) لتلبية احتياجات عائلتنا المكونة من أربعة أفراد، ولكن حتى المؤونة على وشك النفاد، ولا أعرف ما هو الحل بعد ذلك".

لا تقتصر معاناة أهالي السويداء على ذلك، حيث يواجه معظمهم نقصًا في السيولة النقدية بسبب توقف أعمالهم، بالإضافة إلى توقف شركات الحوالات المالية عن العمل منذ بداية التوترات الأمنية.

أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في 21 تموز الماضي، بنزوح أكثر من 93,000 شخص بسبب تصاعد الأعمال العدائية في محافظة السويداء، سواء داخلها أو باتجاه محافظتي درعا وريف دمشق المجاورتين. وذكر المكتب الأممي أن المجتمعات المحلية في السويداء تستضيف معظم النازحين في 15 مركز استقبال على الأقل، كما تم افتتاح حوالي 30 مأوى جماعيًا في درعا.

ونقل عن الشركاء الميدانيين في جنوبي سوريا أن هناك حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية في السويداء، وأفادت تقارير بأن عددًا من المستشفيات والمراكز الصحية خرجت عن الخدمة. وأوضح "أوتشا" أن البنية التحتية للمياه في السويداء تضررت بشدة، مما أدى إلى انقطاع الخدمات لأكثر من أسبوع، كما أُبلِغ عن انقطاعات كبيرة في الكهرباء، بالإضافة إلى انقطاعات في إمدادات الغذاء وغيرها من الإمدادات.

مساعدات لا تكفي

على الرغم من استمرار دخول المساعدات الإنسانية إلى السويداء عبر معبر بصرى الشام الإنساني بريف درعا، إلا أنها لا تلبي احتياجات المحافظة بالكامل. وقال مدير وحدة الإعلام والتواصل في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، عمر المالكي، لـ عنب بلدي، إن الاستجابة الإنسانية في المنطقة الجنوبية تشمل محافظات السويداء ودرعا وريف دمشق بشكل أساسي. وأضاف أن الاستجابة الإنسانية تركز على العائلات التي نزحت من منازلها وتم إجلاؤها سواء من داخل محافظة السويداء أو خارجها. وأشار إلى أن هذه العائلات إما موجودة في منازل المجتمعات المضيفة، أو ضمن مراكز الإيواء في درعا، أو في مناطق أخرى، لذا تعمل منظمة الهلال الأحمر على تقديم المساعدات الإنسانية لهذه العائلات المتضررة وللمجتمعات المضيفة.

وأوضح المالكي أن هذه الاستجابة تستهدف دعم تشغيل القطاعات الحيوية، مثل المستشفيات والأفران ومحطات المياه، عبر إمدادها بالمحروقات، ومواد الطحين، وأقراص تحلية المياه، إضافة إلى تقديم الدعم للأهالي المتضررين مثل سلال غذائية وسلال للإيواء. وحول عملية التقييم للعوائل، نوه المالكي إلى أنه يتم التركيز على العائلات الأشد تأثرًا، وعلى الفئات الأكثر ضعفًا، لذلك أثناء تقييم الهلال الأحمر، يجد أن هناك مناطق تتطلب احتياجات أكثر من غيرها، استنادًا للفئات الأكثر ضعفًا واحتياجًا للاستجابة الإنسانية.

كما يوجد عدة عوامل ترتبط بخطط توزيع المساعدات الإنسانية، منها تقييم الاحتياجات، ومحدودية الموارد والإمدادات الموجودة، وقدرة الوصول إلى القرى، فالتوترات الأمنية تعوق دخول القوافل الإغاثية. وتستمر الشاحنات التجارية وقوافل المساعدات بالدخول إلى السويداء، وضمت القافلة السابعة 27 شاحنة (19 من الهلال الأحمر وثماني شاحنات تجارية)، ودخلت في 8 آب، وشملت 1750 سلة غذائية، 1750 كيس أرز، 1750 كيس عدس، 197 بطانية، و197 فرشة، إضافة إلى 3473 سلة نظافة شخصية، 7618 كيس طحين من فئة 15 كغ، 429 كغ زبدة فستق للمستشفيات، 192.5 طن من طحين، 31373 ليتر مازوت، بحسب ما نشرته محافظة السويداء.

ووصلت ثلاثة صهاريج من الغاز إلى مديرية المحروقات في محافظة السويداء، الأحد 10 آب، بسعة إجمالية تقارب 51 ألف ليتر، لدعم احتياجات الأهالي وتأمين المستلزمات الأساسية.

“الهلال” توضح سبب سحب “ميزوبوتاميا” مساعداتها للسويداء
مشاركة المقال: