شهد محيط مخفر الكلاسة في مدينة حلب، مساء الإثنين 11 آب، وقفة احتجاجية على خلفية مقتل الشاب عبد الرحمن جعجول بعد أيام من توقيفه في المخفر ذاته. وكان جعجول قد أوقف بتهمة سرقة دراجة نارية، وسط ادعاءات بتعرضه للتعذيب على أيدي عناصر الشرطة.
أثار مقتل جعجول داخل مخفر الكلاسة غضبًا واسعًا في حلب، مع اتهامات للمخفر وعناصره بتوقيفه دون تنظيم ضبط رسمي، رغم اتهامه بالسرقة.
إغلاق الضبط قبل تاريخ الوفاة
أشار أحمد عمر، صديق الضحية وأحد المشاركين في الوقفة الاحتجاجية، إلى أن تاريخ إغلاق الضبط، بحسب إفادات الشرطة، يسبق تاريخ الوفاة بثمانية أيام. وأوضح شقيق الضحية، المقيم في تركيا، أنه علم بأن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على شقيقه من محل الحلاقة الخاص به، قبل نقله إلى المخفر، دون تفاصيل أخرى.
ووفقًا لعمر، يعتبر هذا مخالفًا للإجراءات القانونية التي تقضي بتحويل الموقوفين إلى المحكمة فور إغلاق الضبط. وأضاف أن رئيس المخفر رفض تمكينهم من الاطلاع على الضبط، معتبرًا الوعود بفتح تحقيق “مجرد تعهدات كلامية”.
وبحسب عمر، ادعى رئيس مخفر الكلاسة أن ضبطًا نُظم بحق الشاب وأُغلق بتاريخ 2 آب، موضحًا أن الضحية كان يتعاطى مادة مخدرة، وأن انقطاعه عن التعاطي تسبب له بتجلط دموي ونوبات هيستيريا، ما دفعه لمهاجمة السجناء الذين اعتدوا عليه وسحلوه. عمر نفى هذه الرواية، مؤكدًا أن الضحية لم يكن يتعاطى أي مواد مخدرة.
توقيف الضابط
أكد قائد الأمن الداخلي في محافظة حلب، العقيد محمد عبد الغني، خلال جلسة عزاء عبد الرحمن جعجوع، أن الحادثة “قضية لها حيثيات طويلة”، معلنًا تحمله المسؤولية أمام القضاء. وأوضح أنه تم تشكيل لجنة تحقيق مركزية للوقوف على تفاصيل الواقعة، وأنه جرى توقيف الضابط المناوب ومسؤولي النظارة والتحقيق، بانتظار استكمال التحقيقات. وأضاف أن أي شخص يثبت تورطه سيُحال إلى القضاء، في إطار “بناء دولة القانون القائمة على العدالة”.
وكان عبد الغني قد أوضح في بيان أن الجثة عُرضت على الطبابة الشرعية لتحديد سبب الوفاة بدقة. ونشرت محافظة حلب عبر صفحتها على فيسبوك بيانًا لعبد الغني أشار فيه إلى تشكيل لجنة تحقيق مختصة لمتابعة الحادثة، وتعهد بالكشف عن ملابسات ما جرى “بكل شفافية”، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي جهة يثبت تقصيرها أو تورطها.
تأتي هذه الحادثة في سياقات مشابهة شهدتها مناطق أخرى في سوريا، وأثارت جدلًا واسعًا حول استخدام القوة المفرطة من قبل جهات عسكرية أو أمنية. ففي دمشق، أثارت قضية وفاة الشاب يوسف اللباد في منتصف تموز الماضي الجدل، في ظل تضارب الروايات بشأن ملابسات وفاته.